إنما المنكر ما يصدر من الكافر عند تلجلجه إذا سئل والنكير إنما هو تقريع الملكين له لنا في إثبات ما هو حق عندنا وجهان الأول قوله تعالى * (النار يعرضون عليها غدوا وعشيا ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب) * عطف في هذه الآية عذاب القيامة عليه أي على العذاب الذي هو عرض النار صباحا ومساء فعلم أنه غيره ولا شبهة في كونه قبل الإنشار من القبور كما يدل عليه نظم الآية بصريحه وما هو كذلك أوليس غير عذاب القبر اتفاق لأن الآية وردت في حق الموتى فهو هو وبه أي بما ذكر من الآية ذهب أبو الهذيل العلاف وبشر بن المعتمر إلى أن الكافر يعذب فيما بين النفختين أيضا وإذا ثبت التعذيب ثبت الإحياء والمسألة لأن كل من قال بعذاب القبر قال بهما وأما ما ذهب إليه الصالحي من المعتزلة وابن جرير الطبري وطائفة من الكرامية من تجويز ذلك التعذيب على الموتى من غير إحياء فخروج عن المعقول لأن الجماد لا حس له فكيف يتصور تعذيبه وما ذهب إليه بعض المتكلمين من أن الآلام تجتمع في أجساد الموتى وتتضاعف من غير إحساس بها فإذا حشروا أحسوا بها دفعة واحدة فهو إنكار للعذاب قبل الحشر فيبطل بما قررناه من ثبوته قبله الوجه الثاني قوله تعالى حكاية على سبيل التصديق * (ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين) * وما هو أي والمراد بالإماتتين والإحياءين في هذه الآية إلا الإماتة قبل مزار القبور ثم الإحياء في القبر ثم الإماتة فيه أيضا بعد مسألة منكر ونكير ثم الإحياء للحشر هذا هو الشائع المستفيض بين أصحاب التفسير
(٥١٩)