مرجوح لا يعارض ظن العقاب المقتضي للانزجار فقد ظهر أن المذنب لا علم له بأنه لا يعاقب بل ولا يظن ذلك ظنا فلا تقرير ولا إغراء البحث الثاني قالت المعتزلة والخوارج صاحب الكبيرة إذا لم يتب عنها مخلد في النار ولا يخرج عنها أبدا وعمدتهم في إثبات ما ادعوه دليل عقلي هو أن الفاسق يستحق العقاب بفسقه واستحقاق العقاب بل العقاب مضرة خالصة لا يشوبها ما يخالفها دائمة لا تنقطع أبدا واستحقاق الثواب بل الثواب منفعة خالصة عن الشوائب دائمة والجمع بينهما أي بين استحقاقهما محال كما أن الجمع بينهما محال فإذا ثبت للفاسق استحقاق العقاب وجب أن يزول عنه استحقاق الثواب فيكون عذابه مخلدا الجواب منع الاستحقاق فإن المطيع لا يستحق بطاعته ثوابا والعاصي لا يستحق بمعصيته عقابا إذ قد ثبت أنه لا يجب لأحد على الله حق وقد أجبنا عن دليل وجوب العقاب آنفا ومنع قيد الدوام لا يقال إذا كانت المضرة أو المنفعة منقطعة لم تكن خالصة لأنا نقول ذلك مممنوع لجواز أن يخلق الله تعالى في المثاب والمعاقب العلم بذلك الانقطاع فلا يحصل للأول حزن ولا للثاني فرح على أن قيد الخلوص مما يتطرق إليه المنع أيضا وما يتمسك به من أنه لا بد من انفصالها عن مضار الدنيا ومنافعها ولا تنفصل إلا بالخلوص ضعيف ثم أنا بعد تسليمنا لما ذكرتم من صفات الثواب والعقاب نقول إنه قد يتساقطان فإن كلامكم مبني على المحابطة وحينئذ جاز أن يتساقط الاستحقاقان معا ويدخل صاحب
(٤٩٤)