المواقف - الإيجي - ج ٣ - الصفحة ٣٩٩
بينا لمن تحدى به من بلغاء عصره ولذلك لم يعارض وغيرهم عمي عن ذلك لقصوره في صناعة البلاغة والتميز بين مراتبها فلا اعتداد به ولا مضرة في ذلك لثبوت الإعجاز بمجرد عجز أولئك الأعلام ثم قياس أقصر سورة إلى أطول خطبة أو قصيدة جور وعدول عن سواء السبيل لأن التحدي بها إنما يكون بما هو على مقدارها المشتمل على مثل بلاغتها لا بما هو أضعافها المشتملة على مثلها كما لا يخفى على ذي مسكة من الإنصاف وأيضا فيكفينا في إثبات النبوة كون القرآن بجملته أو بسوره الطوال معجزا وهذا مما لا سترة به ولذلك قال الوليد بن المغيرة بعد طول محاولته للمعارضة وتوقع الناس ذلك منه عرضت هذا الكلام على خطب الخطباء وشعر الشعراء فلم أجده منها والجواب عن الثانية أن الآحاد لا تعارض القاطع يريد أن اختلاف الصحابة في بعض سور القرآن مروي بالآحاد المفيدة للظن ومجموع القرآن منقول بالتواتر المفيد لليقين الذي يضمحل الظن في مقابلته فتلك الآحاد مما لا يلتفت إليه ثم إن سلمنا اختلافهم فيما ذكر قلنا إنهم لم يختلفوا في نزوله على محمد صلى الله عليه وسلم ولا في بلوغه في البلاغة حد الإعجاز بل في مجرد كونه من القرآن وذلك لا يضرنا فيما نحن بصدده وأما البسملة فالخلاف فيها متحقق بلا شبهة إلا أنه في كونها آية من كل سورة كما هو القول الجديد للشافعي أو من الفاتحة فقط وفي البواقي كتبت للتيمن كما هو قوله القديم أو كونها آية
(٣٩٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 394 395 396 397 398 399 400 401 402 403 404 ... » »»