المواقف - الإيجي - ج ٣ - الصفحة ٣٩٤
إلا ببينة أو يمين والتقرير ما مر وهو أنه لو كانت بلاغتها واصلة إلى حد الإعجاز لعرفوها بذلك ولم يحتاجوا في وضعها في المصحف إلى عدالة ولا إلى بينة أو يمين الوجه الرابع لكل صناعة مراتب في الكمال بعضها فوق بعض وليس لها حد معين تقف عنده ولا تتجاوزه ولا بد في كل زمان من فائق قد فاق أبناءها بأن وصل إلى مرتبة من تلك المراتب لم يصل إليها غيره في عصره وإن أمكن أن يفوقه شخص آخر في عصر آخر فلعل محمدا كان أفصح أهل عصره فأتى بكلام عجز عن مثله أهل زمانه ولو كان ذلك معجزا لكان ما أتى به كل من فاق أقرانه في صناعة من الصناعات في عصر من الأعصار معجزا وهو ضروري البطلان وأما مذهب القاضي فلأن ضم غير المعجز إلى مثله لا يصيره معجزا وأما الإخبار بالغيب فلوجوه الأول إنه جائز كرامة للولي وعلى سبيل الاتفاق أيضا بلا خرق عادة كما في المرة والمرتين إلا أن يتكرر ذلك الإخبار إلى أن يصير خارقا للعادة فيصير حينئذ معجزا ومراتبه أي مراتب التكرر إلى حد الإعجاز غير مضبوطة بعدد معين فكيف يعلم بلوغ القرآن في الإخبار بالغيب مرتبة الإعجاز الثاني إنه يقع ذلك الإخبار مكررا من المنجمين والكهنة كما دل عليه التسامع والتجربة وليس بمعجز اتفاقا الثالث إنه يلزم حينئذ أن لا يكون ما خلا عنه أي عن الإخبار بالغيب من القرآن معجزا فيخرج أكثر القرآن عن صفة الإعجاز وهو باطل وأما عدم الاختلاف والتناقض فيه مع طوله فلوجوه الأول إن فيه تناقضا لأنه قال * (وما علمناه الشعر) * وفي القرآن ما هو شعر نحو قوله تعالى " ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه
(٣٩٤)
مفاتيح البحث: القرآن الكريم (4)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 389 390 391 392 393 394 395 396 397 398 399 ... » »»