التناقض والاختلاف ويظهر ذلك كل الظهور في مقدار قصر سورة تحدى بها كما هو الظاهر من قوله * (فأتوا بسورة من مثله) * فإن هذا المقدار من نظمهم ونثرهم خال عن الاختلاف بلا شبهة فلا يكون عدم الاختلاف موجبا للإعجاز وأما القول بالصرفة فلوجوه الأول الإجماع قبل هؤلاء القائلين بها على أن القرآن معجز وعلى هذا القول يكون المعجز هو الصرف لا القرآن ألا ترى أنه لو قال أنا أقوم وأنتم لا تقدرون عليه وكان كذلك لم يكن قيامه معجزا بل عجزهم عن القيام فهذه المقالة خارقة لإجماع المسلمين السابقين على أن القرآن معجزة لرسول الله دالة على صدقه الثاني إنهم لو سلبوا القدرة كما قال به الشريف الرضي لعلموا ذلك من أنفسهم ولتناطقوا به عادة ولتواتر عنهم ذلك التناطق لجريان العادة بالتحدث بخوارق العادات لكنه لم يتواتر قطعا فإن قيل إنما لم يتذاكروه ولم يظهروه لئلا يصير حجة عليهم ملجئة لهم إلى الانقياد مع أنهم كانوا حراصا على إبطال حجته وانتكاس دعوته فلا يتصور منهم حينئذ إظهار ما علموه من أنفسهم قلنا إن كان ذلك أي سلب القدرة عنهم موجبا لتصديقه إيجابا قطعيا امتنع عادة تواطؤ الخلق الكثير على مكابرته والإعراض بالكلية عن مقتضاه وإن لم يكن موجبا لتصديقه بل احتمل السحر وغيره كفعل
(٣٩٧)