المواقف - الإيجي - ج ٣ - الصفحة ٣٨٨
الأول إن نبوته تقتضي نسخ من قبله باتفاق منكم لكن النسخ محال لأنه يدل على الجهل أو البداء وكلاهما محال على الله تعالى بيانه أنه لو كان فيه مصلحة لا يعلمها فالجهل وإن كان يعلمها فرأى رعايتها أولا ثم أهملها بلا سبب ثانيا فالبداء والجواب إنه لا يجب رعاية المصلحة عندنا وإن وجب فربما حدثت مصلحة لم تكن حاصلة قبل فإن المصالح تختلف بحسب الأوقات كشرب الدواء الخاص في وقت دون وقت فربما كانت المصلحة في وقت ثبوت الحكم وفي آخر ارتفاعه وكيف والمحكوم عليه هنا أوليس بمتحد الثاني إن موسى نفى نسخ دينه ولا بد من الاعتراف بصدقه لكونه نبيا بيانه أنه تواتر عنه (تمسكوا بالسبت ما دامت السماوات والأرض) وأيضا إما أن يكون قد صرح بدوام دينه أو بعدم دوامه أو سكت عنهما والأخيران باطلان أما الثاني فإنه لو قال ذلك لتواتر لكونه من الأمور العظيمة التي تتوفر الدواعي على نقلها سيما من الأعداء ومن يدعي نسخ دينه وذلك أقوى حجة له فيه وأما الثالث فلأنه يقتضي ثبوت دينه مرة واحدة وعدم تكرره وأنه معلوم الانتفاء لتقرره إلى أوان النسخ والجواب منع تواتر ذلك عن موسى ولو كان كذلك لاحتج به على محمد ولو احتج به لنقل متواترا وأما الترديد فنختار أنه صرح بدوامه إلى ظهور الناسخ وإنما لم ينقل تواترا إما لقلة الدواعي إلى نقله لما فيه من الحجة عليهم وإما لقلة الناقلين في بعض الطبقات لأن اليهود جرت لهم وقائع ردتهم إلى أقل القليل ممن لا يحصل التواتر بنقله
(٣٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 383 384 385 386 387 388 389 390 391 392 393 ... » »»