المواقف - الإيجي - ج ٣ - الصفحة ٣٨٩
الشرح المقصد الرابع في إثبات نبوة محمد صلى الله عليه وسلم وفيه مسالك المسلك الأول وهو العمدة أنه ادعى النبوة وظهرت المعجزة على يده أما الأولى فتواتره تواترا ألحقه بالعيان والمشاهدة فلا مجال للإنكار فيها وأما الثانية فمعجزة القرآن وغيره الكلام في القرآن وكونه معجزا أن نقول تحدى به ولم يعارض فكان معجزا أما أنه تحدى به فقد تواتر بحيث لم يبق فيه شبهة وآيات التحدي كثيرة كقوله تعالى * (فليأتوا بحديث مثله) * وقوله * (فأتوا بعشر سور مثله مفتريات) * وقوله * (فأتوا بسورة من مثله) * وأما أنه لم يعارض فلأنه لو عورض لتواتر لأنه مما توفرت الدواعي إلى نقله سيما والخصوم أكثر عددا من حصى البطحاء وأحرص الناس على إشاعة ما يبطل دعواه وأما أنه حينئذ أي حين إذ تحدى به ولم يعارض يكون معجزا فقد مر فيما سبق من بيان حقيقة المعجزة وشرائطها والكلام على هذه الطريقة سؤالا وجوابا يعلم من الفصل المتقدم فإن الشبه التي أوردها منكرو البعثة يمكن إيرادها ههنا وأجوبتها تعلم من هناك أيضا فلا حاجة بنا إلى إعادتها ولنتكلم الآن في وجه إعجازه وفي شبه القادحين فيه في فصلين الفصل الأول في وجه إعجازه وقد اختلف فيه على مذاهب فقيل هو ما اشتمل عليه من النظم أي التأليف الغريب والأسلوب العجيب المخالف لنظم العرب ونثرهم في مطالعه أي أوائل السور والقصص وغيرها ومقاطعه أي أواخرها وفواصله أي آخر الآي التي هي بزنة الإسجاع في كلامهم فإن هذه الأمور المذكورة وقعت في القرآن على وجه لم يعهد في كلامهم وكانوا عاجزين عنه وعليه بعض المعتزلة
(٣٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 384 385 386 387 388 389 390 391 392 393 394 ... » »»