والتقديم والتأخير والفصل والوصل اللائق بالمقام وتعريه أي خلوه عن اللفظ الغث أي الركيك والشاذ الخارج عن القياس والشارد النافر عن الاستعمال إلى غير ذلك من أنواع البلاغات بحيث أي وجده مشتمرا على فنون البلاغة بحيث لا يرى المتصفح له أي للقرآن وتراكيبه المميز بين فنون البلاغة نوعا منها أي من تلك الفنون إلا وجده أحسن ما يكون فالقرآن مشتمل على جملتها لم يغادر شيئا منها ولا يقدر أحد من البلغاء الواصلين إلى ذروة البلاغة من العرب العرباء وإن استفرغ وسعه وطاقته في تزيين كلامه إلا على نوع أو نوعين منه أي من المذكور الذي هو فنون البلاغة وربما لو رام غيره أي غير ذلك النوع لم يواته أي لم يوافقه ولم يتأت له قال الآمدي إن أفصح فصيح من العرب وأبلغ بليغ من أهل الأدب من أرباب النظم والنثر والخطب غايته الاستيثار بنوع واحد من أنواع البلاغة على وجه لو رام غيره في كلامه لما واتاه وكان فيه مقصرا والقرآن محتو عليها كلها ومن كان أعرف بالعربية أي لغة العرب وفنون بلاغتها كان أعرف بإعجاز القرآن المتفرع على بلاغته وقال القاضي الباقلاني هو أي وجه إعجازه مجموع لأمرين أي النظم الغريب وكونه في الدرجة العالية من البلاغة وقيل هو إخباره عن الغيب نحو * (وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين) * أخبر عن غلبة الروم على الفرس فيما بين ثلاث إلى التسع وقد وقع كما أخبر به وذلك كثيرا يعرف بتتبع القرآن وإخباراته عن الأمور المستقبلة الكائنة على وفقها وقيل وجه إعجازه عدم اختلافه وتناقضه مع ما فيه من الطول
(٣٩١)