الأول كونه من فعله لا من فعل الله فلا يكون نازلا منزلة التصديق له من الله وإنما جاز كون المعجز فعلا له مع كون غيره عاجزا عنه إما لمخالفة نفسه لسائر النفوس البشرية في الماهية كما ذهب إليه جماعة فيجوز حينئذ أن يصدر عن بعضها ما لا يقدر عليه بعض آخر منها أو لمزاج خاص في بدنه هو أقوى من أمزجة أقرانه فيقوى به على فعل يعجز عنه غيره وإن توافقا في الماهية أو لكونه ساحرا ماهرا في السحر وقد أجمعتم على حقيقته أي على كون السحر مؤثرا في أمور غريبة كما دل عليه الكتاب كقوله تعالى * ( فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه) * والسنة كقصة لبيد بن الأعصم مع النبي صلى الله عليه وسلم ومن أنكره من القدرية فقد خالف كتاب الله وسنة نبيه وإجماع الأمة أيضا إذ ما من عصر من عهد الصحابة إلى ظهور المخالفين إلا وكان الناس يتفاوضون فيه في أمر السحر وتأثيراته حتى اختلفت الفقهاء في حكم الساحر فقال بعضهم يجب قتله وقال آخرون هو كافر وقال الشافعي إذا اعترف الساحر بأن قتله شخصا بسحره وبأن سحره مما يقتل غالبا وجب عليه القود ولم ينكره أحد فكان إجماعا هكذا ذكره الآمدي أو لطلسم اختص هو بمعرفته يعني أن سلم امتناع السحر في نفسه فلا مجال لإنكار الطلسمات الغريبة التي تؤثر تأثيرات عجيبة فجاز أن يمتاز ذلك الشخص بمعرفة نوع منها لا يعرفه غيره فإذا أتى به ترتب عليه أمر غريب يعجز عن مثله من هو في عصره وقالوا الطلسم عبارة عن تمزيج القوى السماوية الفعالة بالقوى الأرضية المنفعلة وذلك أن القوى السماوية أسباب لحدوث الكائنات العنصرية
(٣٦٨)