المواقف - الإيجي - ج ٣ - الصفحة ٣٤٩
لتخلف الصدق عنه في الكاذب بل عادية كسائر العاديات لأن من قال أنا نبي ثم نتق الجبل وأوقفه على رؤوسهم وقال إن كذبتموني وقع عليكم وإن صدقتموني انصرف عنكم فكلما هموا بتصديقه بعد عنهم وإذا هموا بتكذيبه قرب منهم علم بالضرورة أنه صادق في دعواه والعادة قاضية بامتناع ذلك من الكاذب مع كونه ممكنا عنه إمكانا عقليا لشمول قدرته تعالى للممسكات بأسرها وقد ضربوا لهذا مثلا قالوا إذا ادعى الرجل بمشهد الجم الغفير أني رسول هذا الملك إليكم ثم قال للملك إن كنت صادقا فخالف عادتك وقم من الموضع المعتاد لك من السرير واقعد بمكان لا تعتاده ففعل كان ذلك نازلا منزلة التصديق بصريح مقاله ولم يشك أحد في صدقه بقرينة الحال وليس هذا الذي ذكرناه من باب قياس الغائب على الشاهد حتى يتجه عليه أن الشاهد تعلل أفعاله بالأغراض لأنه يراعي المصالح ويدرأ المفاسد بخلاف الغائب إذ لا يبالي بالمصلحة والمفسدة فلا يصح القياس بل ندعي في إفادته العلم بالضرورة العادية أي ندعي أن ظهور المعجز يفيد علما بالصدق وإن كونه مفيدا له معلوم لنا بالضرورة العادية ونذكر هذا المثال للتفهيم وزيادة التقرير وقالت المعتزلة خلق المعجز على يد الكاذب مقدور لله تعالى لعموم قدرته لكنه ممتنع وقوعه في حكمته لأن فيه إيهام صدقه وهو إضلال قبيح من الله فيمتنع صدوره عنه كسائر القبائح قال الشيخ وبعض أصحابنا إنه أي خلق المعجزة على يد الكاذب غير مقدور في نفسه لأن لها أي للمعجزة دلالة على الصدق قطعا أي
(٣٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 344 345 346 347 348 349 350 351 352 353 354 ... » »»