مقارنا للدعوى والمتخلف عنها هو علمنا بكونه معجزا لا كونه معجزا فبطل بذلك القول الثالث وأما القول الثاني فلا طائل تحته لأن ذلك الحصول لا يمكن جعله معجزا إلا إذا كان خارقا للعادة وربما لم يكن كذلك وإن جعل شرطا لاتصاف الإخبار بالإعجاز فقد رجع إلى الثالث وبطل ببطلانه ولهذا لم يوجد هذا القول في أبكار الأفكار البحث الثاني في كيفية حصولها المذهب عندنا أنه فعل الفاعل المختار يظهرها على يد من يريد تصديقه بمشيئته لما تعلق به مشيئته من دعوى النبوة ممن أرسله إلى الناس ليدعوهم إلى ما ينجيهم ويسعدهم في الدارين ولا يشترط لإظهارها استعدادا كما لا يشترط في النبوة على ما مر خلافا للحكماء وقال الفلاسفة إنها تنقسم إلى ترك وقول وفعل أما الترك فمثل أن يمسك عن القوت المعتاد برهة من الزمان بخلاف العادة وسببه انجذاب النفس الزكية عن الكدورات البشرية إما لصفاء جوهرها في أصل فطرتها وإما لتصفيته بضرب من المجاهدة وقطع العلائق إلى عالم القدس واشتغالها بذلك عن تحليل مادة البدن فلا تحتاج إلى البدل كما نشاهده في المرضى من أن النفس لاشتغالها بمقاومتها لمرض من الأمراض الحادة وتحليلها للمواد الردية تنكف وتمتنع عن التحليل للمواد المحمودة فتمسك عن القوت الذي يحتاج إليه بدلا عما تحلل من هذه المواد ما لو أمسك أي زمانا لو أمسك عنه في أيام صحته شطره أي نصفه بل عشرة هلك بلا شبهة وإذا جاز ذلك في المريض كان جوازه في المتوجه المنخرط في سلك الملأ الأعلى أولى وكيف لا والمرض مضاد للطبيعة
(٣٤٧)