علم الله أنه يموت فيه فالمقتول عند أهل الحق ميت بأجله الذي قدره الله له وعلم أنه يموت فيه وموته بفعله تعالى ولا يتصور تغير هذا المقدر بتقديم ولا تأخير قال تعالى * (ما تسبق من أمة أجلها وما يستأخرون) * * (فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون) * والمعتزلة قالوا بل تولد موته من فعل القاتل فهو من أفعاله لا من فعل الله تعالى وقالوا إنه لو لم يقتل لعاش إلى أمد هو أجله الذي قدره الله تعالى له فالقاتل عندهم غير بالتقديم الأجل الذي قدره الله تعالى له وادعوا فيه أي في تولده من فعل القاتل وبقائه لولا القتل الضرورة كما ادعوها في تولد سائر المتولدات وانتفائها عند انتفاء أسبابها واستشهدوا عليه بذم القاتل والحكم بكونه جانيا ولو كان المقتول ميتا بأجله الذي قدره الله له لمات وإن لم يقتله فهو أي القاتل لم يجلب حينئذ بفعله أمرا لا مباشرة ولا توليدا فكان لا يستحق الذم عقلا ولا شرعا لكنه مذموم فيهما قطعا إذا كان القتل بغير حق واستشهدوا أيضا بأنه ربما قتل في الملحمة الواحدة ألوف ونحن نعلم بالضرورة أن موت الجم الغفير في الزمان القليل بلا قتل مما تحكم العادة بامتناعه ولذلك أي ولحكم العادة بالامتناع في الخلق الكثير دون غيره ذهبت جماعة منهم إلى أن ما لا يخالف العادة كما في قتل واحد وما يقرب منه واقع بالأجل منسوب إلى القاتل والفرق غير بين في العقل لأن الموت في كلتا الصورتين متولد من فعل القاتل عندهم فلما إذا كان أحدهم بأجله دون الآخر ولولا روم الهرب من الإلزام الشنيع وهو القدح في المعجزات لما قالوا به وبيان ذلك أنه لما حكمت العادة بامتناع موت خلق كثير دفعة امتنع أن ينسب موتهم بقتلهم في ساعة إلى الله تعالى وإلا كان فعلا منه خارقا للعادة لا لإظهار المعجزة وذلك قدح فيها وأما نسبة موت جماعة قليلة في لحظة واحدة إليه تعالى فلا
(٢٤٧)