المواقف - الإيجي - ج ٣ - الصفحة ١٠٨
الخامسة منها من قال وهم جمهور الفلاسفة لا يعلم الجزئيات المتغيرة وإلا فإذا علم مثلا أن زيدا في الدار الآن ثم خرج زيد عنها فإما أن يزول ذلك العلم ويعلم أنه أوليس في الدار ويبقى ذلك العلم بحاله والأول يوجب التغير في ذاته من صفة إلى أخرى والثاني يوجب الجهل وكلاهما نقص يجب تنزيهه تعالى قالوا وكذا لا يعلم الجزئيات المتشكلة وإن لم تكن متغيرة كأجرام الأفلاك الثابتة على أشكالها لأن إدراكها إنما يكون بآلات جسمانية وكذا الحال في الجزئيات المتشكلة المتغيرة إذ قد اجتمع فيها المانعان بخلاف الجزئيات التي ليست متشكلة ولا متغيرة فإنه يعلمها بلا محذور كذاته تعالى وذوات العقول والجواب منع لزوم التغير فيه بل التغير إنما هو في الإضافات لأن العلم عندنا إضافة محضة أو صفة حقيقية ذات إضافة فعلى الأول يتغير نفس العلم وعلى الثاني يتغير إضافاته فقط وعلى التقديرين لا يلزم تغير في صفة موجودة بل في مفهوم اعتباري وهو جائز وإدراك المتشكل إنما يحتاج إلى آلة جسمانية إذا كان العلم حصول الصورة وأما إذا كان إضافة محضة أو صفة حقيقة ذات إضافة بدون الصورة فلا حاجة إليها وقد أجاب عنه مشايخ المعتزلة وكثير من الأشاعرة بأن العلم بأنه وجد الشيء و العلم بأنه سيوجد واحد فإن من علم أن زيدا سيدخل البلد غدا فعند حصول الغد يعلم بهذا العلم أنه دخل البلد الآن إذا كان علمه هذا مستمرا بلا غفلة مزيلة له وإنما يحتاج أحدنا إلى علم آخر متجدد يعلم به أنه دخل الآن لطريان الغفلة عن الأول والباري تعالى يمتنع عليه الغفلة فكان علمه بأنه وجد عين علمه بأنه سيوجد فلا يلزم من تغير المعلوم من عدم إلى وجود تغير في علمه وهذا الذي ذكروه مأخوذ من قول الحكماء علمه تعالى ليس
(١٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 ... » »»