خاتمة لأبحاث النوع الثاني وهي البحث الثالث أكثر الكلام الذي نقلناه عنهم في إثبات هذه القوى وتعددها بعد بنائه على نفي القادر المختار الموجد لجميع الأشياء ابتداء بمجرد إرادته مبني على أن النفس الناطقة ليست مدركة للجزئيات كما أشرنا إليه في أثناء الكلام المنقول فلنتكلم في ذلك فنقول المدرك لجميع أصناف الإدراكات هو النفس لوجوه الأول ما ذكرناه من الحكم بالكلي على الجزئي في مثل قولنا زيد إنسان وبكل جزئي على أنه غير الآخر أي والحكم بسبب أحد الجزئين عن الآخر كما في قولك زيد ليس بعمرو فلا بد من قوة تدرك الكليات وجميع أنواع الجزئيات من المحسوسات مشاهدة ومتخيلة والمعاني الجزئية متوهمة ومحفوظة ولا يجوز أن تكون هذه القوى جسمانية اتفاقا فهي القوة العاقلة الثاني وجداني بلا شبهة إني واجد أسمع وأبصر وأجوع وأشبع وأدرك المعقولات فالمدرك للكل واحد وليس إلا النفس الثالث أن النفس مدبرة للبدن المعين فهو أي النفس بتأويل الإنسان فاعل للجزئيات من الأفعال التدبيرية ولا بد له فيه أي في كونه فاعلا للأفعال الجزئية من إدراك الجزئيات الصادرة عنه إذ الرأي الكلي نسبته إلى الكل من آحاد ذلك الكلي واحد فلا يصلح الرأي الكلي لكونه مصدرا للبعض دون البعض فالنفس مدركة للجزئيات وفي المباحث المشرقية هي مدبرة لبدن شخص وتدبير الشيء للشخص من حيث هو ذلك الشخص يستحيل إلا بعد العلم به من حيث هو هو فإذن هي مدركة للبدن الجزئي وللخصم القائل بأن النفس لا تدرك الجزئيات وجوه
(٥٩٠)