المواقف - الإيجي - ج ٢ - الصفحة ٥٩٩
يتكون السحاب من إنقباض الهواء بالبرد الشديد فيحصل حينئذ منه الأقسام المذكورة قال الإمام الرازي أن تكون هذه الأشياء في الأكثر من تكاثف البخار وفي الأقل من تكاثف الهواء وأما الدخان فربما يخالط السحاب بأن ترفع أبخرة وأدخنة كثيرة مختلطة إلى الطبقة الزمهريرية فيتكاثف البخار وينعقد سحابا فينحبس ذلك الدخان في جوف السحاب فيخرقه إما في صعوده بالطبع لبقائه على حرارته المقتضية لتصعيده أو عند هبوطه للتكاثف أي لتكاثفه بالبرد الشديد الواصل إليه فيحدث من خرقه له أي خرق الدخان وتمزيقه للسحاب صاعدا أو هابطا ومصاكته إياه صوت هو الرعد وقد يشتعل الدخان بقوة التسخين وذلك لأنه شيء لطيف وفيه مائية وأرضية عمل فيهما الحرارة والحركة والخلخلة المازجة عملا قرب مزاجه من الدهنية فصار بحيث يشتعل بأدنى سبب مشتعل فكيف لا يشتعل بالتسخين القوي الحاصل من الحركة الشديدة والمصاكة العنيفة وإذا اشتعل فلطيفه ينطفئ سريعا وهو البرق وكثيفه لا ينطفئ إلى أن يصل إلى الأرض وهو الصاعقة وإذا وصل إليها فربما صار لطيفا ينفذ في المتخلخل ولا يحرقه ويذيب الأجسام المندمجة فيذيب الذهب والفضة في الصرة مثلا وألا يحرقها إلا ما احترق من الذوب وقد أخبرنا أهل التواتر بأن الصاعقة وقعت بشيراز على قبة الشيخ الكبير أبي عبد الله بن خفيف قدس سرة فأذاب قنديلا فيها ولم يحرق شيئا منها وربما كان كثيفا غليظا جدا فيحرق كل شيء
(٥٩٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 594 595 596 597 598 599 600 601 602 603 604 ... » »»