المواقف - الإيجي - ج ٢ - الصفحة ٥٦٨
فنعلم ضرورة أن النور الذي يخرج من عين العصفور يستحيل أن يؤثر فيما بينه وبين الكواكب الثابتة أي يستحيل أن يقوي ذلك النور على خرق الهواء والأفلاك بحيث يصل إلى الثوابت ويتصل بنصف كرة العالم ويستحيل أيضا أن يقوى نور عينه على إحالة ما بينهما إلى كيفيته بل نقول ذلك العصفور أو الإنسان أو الفيل إن كان كله نورا لما امتد ولا أحال إلى كيفيته من الهواء عشرة فراسخ وإن لم يكن هذا جليا في العقل فلا جلى عنده وإذا كان الأمر كذلك لم يتصور امتداده إلى الثوابت ولا إحالة الشعاع الذي في العين ما بينهما إلى جوهره فبطل القول بالشعاع وتوسطه في الإبصار مطلقا قال الإمام الرازي في المباحث المشرقية حاصل الكلام في هذا المقام أن نقول إنا نعلم علما ضروريا بأن العين على صغرها لا يمكن أن تحيل نصف كرة العالم إلى كيفيتها ولا أن يخرج منها ما يتصل بنصف كرته ولا أن يدخل فيها صورة نصفه فالمذاهب الثلاثة ظاهرة الفساد بتأمل قليل في هذا الذي ذكرناه وإني لأتعجب من اشتهارها فيما بين الناس وإقبالهم على قبولها قال ومن المحتمل أن يقال الإبصار شعور مخصوص وذلك الشعور حالة إضافية فمتى كانت الحاسة سليمة وسائر الشرائط حاصلة والموانع مرتفعة حصلت للمبصر هذه الإضافة من غير أن يخرج من عينه جسم أو ينطبع فيها صورة فليس يلزم من إبطال الشعاع أو الانطباع صحة الآخر إذ ليسا على طرفي النقيض تنبيه سواء قلنا الإبصار بالانطباع أو بخروج الشعاع فإنه ينفذ في الجسم الشفاف المتوسط فيما بين الرائي والمرئي كالهواء مستقيما وينفذ
(٥٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 563 564 565 566 567 568 569 570 571 572 573 ... » »»