ولهذا لوازم من رؤية الشجر على الشط منتكسا والعنبة في الماء كالإجاصة ونحوهما لسنا الآن بصدد بيانها فإنه خروج عن الصناعة المشعر الثاني السمع وإنما يحصل بوصول الهواء المنضغط بين القارع والمقروع إلى الصماخ لقوة حاصلة في العصبة المفروشة في مؤخره التي فيها هواء محتقن كالطبل فإذا انحرفت تلك العصبة أو بطل حسها بطل السمع المشعر الثالث الشم وهو قوة مستودعة في زائدتين في مقدم الدماغ كحلمتي الثدي وزعم بعضهم أن الرائحة تتأدى إليه بتحلل أجزاء من الجسم ذي الرائحة وتبخره ومخالطته للمتوسط وزعم آخرون أن الهواء يتكيف بتلك الكيفية من غير أن يخالطه شيء من أجزاء ذي الرائحة وهذا هو الحق لأن المسك يعطر مواضع كثيرة ويدوم ذلك مدة بقائه ولا يقل وزنه ولو كان ذلك يتحلل منه لامتنع ذلك احتج الأولون بوجهين الأول إن الحرارة تهيج الروائح والبرد يكثفها قلنا بل تعدها لقبول الرائحة لتأثيرها في الهواء أو في الآلة الثاني التفاحة تذبل من كثرة الشم قلنا بل من وصول النفس إليها وكثرة اللمس وأما مجرد الرائحة فلا وإلا لم يتفاوت الشم وعدمه المشعر الرابع الذوق وهو قوة منبثة في العصب المفروش على جرم اللسان وإنما تدرك بواسطة الرطوبة العذبة المخالطة للمذوق فإذا كانت الرطوبة عديمة الطعم أدت الطعوم بصحة وإن خالطها طعم لم تؤدها بصحة كما للمرضى ولذلك كان الممرور يجد الماء والسكر مرا ومن ثمة قال بعضهم الطعوم لا وجود لها في ذي طعم وإنما توجد في القوة الذائقة وكذلك سائر الكيفيات فالحرارة إنما يعلم وجودها بالحس عند مماسة النار
(٥٦١)