وتقبيضها باليبوسة لتتمكن من التحريك ثم الدافعة وذلك لأن فعلها أيضا التحريك واليبوسة تفيد زيادة تمكن للروح وآلتها من الاعتماد الذي لا بد منه في الحركة ولو كان في جوهر الروح أو الآلة استرخاء بسبب الرطوبة لتعسر الحركة وحيث كانت الحركة في الجاذبة أقوى كانت حاجتها إلى اليبوسة أشد والهاضمة لا حاجة لها إلى اليبس بل إلى الرطوبة المعينة إياه في التفريق والجمع والطبخ والإنضاج والبرودة مع كونها منافية بالذات لأفعال هذه تخدم بالعرض الماسكة بإعانتها على حبس الليف المورب على هيئة الاشتمال الصالح للإمساك وتخدم كذلك الدافعة بأنها تمنع تحليل الريح المعينة على الدفع وأيضا تغلظها وكلما كانت الريح أغلظ كانت أعون وأيضا تجمع الليف العاصر وتكثفه فتكون أقوى في الدفع فظهر مما ذكر أن الحرارة تخدم جميع هذه القوى والبرودة لا تخدم إلا الماسكة والدافعة وأن اليبوسة تخدم ما سوى الهاضمة والرطوبة تخدمها فقط التنبيه الثاني قد تتضاعف هذه القوى في بعض الأعضاء فالمعدة فيها جاذبة إليها ما يصلح لها وجاذبة أيضا لغذاء البدن من خارج وبالجملة فقد تفعل المعدة تارة للإعداد وتهيئة الغذاء لسائر الأعضاء وتارة للاغتذاء وكذا كثير من الأعضاء كالكبد وسائر أدوات الغذاء وفي المباحث المشرقية قال بعض الحكماء إن هذه القوى الأربع توجد في المعدة مضاعفة أحدهما التي تجذب غذاء البدن من خارج إلى تجويف المعدة والتي تمسكه هناك والتي تغيره إلى ما يصلح أن يكون دما والتي تدفعه إلى الكبد والثانية التي تجذب إلى المعدة غذاءها على الخصوص وتمسكه هناك وتغيره إلى جوهرها وتدفع الفضلات عنها وكذا الحال في الكبد لأن التغيير إلى الدم غير التغيير إلى جوهر الكبد كما أن
(٥٥٧)