المواقف - الإيجي - ج ٢ - الصفحة ٥٦٠
على الأول لعله لسبب آخر وعلى الثاني أن الصورة إنما تبقى في الخيال وعلى الثالث أنه تمثيل بلا جامع احتج النفاة بوجوه والعمدة ما ذكره جالينوس وهو أن الجسم لا ينطبع فيه من الأشكال إلا ما يساويه فوجب ألا يبصر إلا قدر نقطة الناظر منا لكنا نبصر نصف كرة العالم والجواب أنه لا يمتنع حصول شبح الكبير في الصغير إنما المحال حصول ذلك الشكل بعينه والحاصل أن هذا إنما يرد على من يرى أن المبصر نفس الشبح وأما من يزعم أن حصول الشبح شرط للإبصار فلا يرد عليه ذلك وهذا هو الحق القول الثاني أنه يخرج من العين جسم شعاعي على هيئة مخروط رأسه يلي العين وقاعدته تلي المبصر والإدراك التام إنما يحصل من الموضع الذي هو موضع سهم المخروط ويبطله أنه إذا كان ريح أو اضطراب في الهواء وجب أن تتشوش تلك الشعاعات وتتصل بالأشياء الغير المقابلة للوجه فوجب أن يرى الإنسان ما لا يقابله لاتصال شعاعه به كما أنه لما كان الصوت عبارة عن الكيفية التي يحملها الهواء المتموج لا جرم أنه يضطرب عند هبوب الرياح ويميل من جهة إلى جهة وأيضا فنعلم ضرورة أن النور الذي يخرج من عين العصفور يستحيل أن يؤثر فيما بينه وبين الكواكب الثابتة بل نقول ذلك العصفور أو الإنسان أو الفيل إن كان كله نورا لما امتد ولا أحال من الهواء عشرة فراسخ وإن لم يكن هذا جليا في العقل فلا جلي عنده تنبيه سواء قلنا الأول الإبصار بالانطباع أو بخروج الشعاع فإنه ينفذ في الجسم الشفاف مستقيما وينفذ في الشفاف الذي شفيفه مخالف لشفيف الهواء كالماء والبخار منعطفا بزاوية أصغر من زاوية الرؤيا بكثير ومن تصور أنها مثل زاوية الرؤية فقد أخطأ وموضع بيانه غير هذا الموضع
(٥٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 555 556 557 558 559 560 561 562 563 564 565 ... » »»