الفضول يشتد شوقه إلى المني حتى يحس كأنه يجذب الإحليل إلى داخله جذب المحجمة الدم إلى داخلها وقد سمى بعضهم الرحم حيوانا مشتاقا المني فثبت بهذا الوجه وجود الجاذبة في الرحم الوجه الخامس الدم يكون في الكبد مخلوطا بالفضلات الثلاث أعني البلغم والصفراء والسوداء ثم تتمايز تلك الأمور المختلطة وينصب إلى كل عضو نوع من الرطوبة يليق به فلولا أن في كل عضو قوة جاذبة لتلك الرطوبة اللائقة به لامتنع ذلك التمايز وانصباب كل رطوبة إلى عضو على حدة دائما أو أكثريا وهذه حجة واضحة على وجود القوة الجاذبة في جملة الأعضاء الثانية من الأربع الخادمة الهاضمة وهي تعد الغذاء إلى أن يصير جزءا بالفعل من العضو فهي غير الغاذية أعني صيرورتها أي أعني القوة التي تقتضي صيرورة الأغذية جزءا بالفعل من الأعضاء وفي كليات القانون وأما الهاضمة فهي التي تحيل ما جذبته الجاذبة وأمسكته الماسكة إلى قوام مهيئا لفعل القوة المغيرة فيه وإلى مزاج صالح للاستحالة إلى الغذائية بالفعل قال الإمام الرازي هذا الكلام نص في أن القوة الهاضمة غير القوة الغاذية ويؤيده أنه جعل الغاذية مخدومة للقوى الأربع التي منها الهاضمة فلنتكلم في الفرق فنقول إذا جذبت جاذبة عضو شيئا من الدم وأمسكته ماسكته فللدم صورة نوعية وإذا صار شبيها بالعضو فقد بطلت عنه هذه الصورة وحدثت صورة أخرى عضوية فهناك كون للصورة العضوية وفساد للصورة الدموية وإنما يحصلان إذا كان هناك من الطبخ ما لأجله ينتقص استعداد المادة للصورة الدموية ويشتد استعدادها للصورة العضوية إلى أن تزول عنها الأولى وتحدث فيها الأخرى فههنا حالتان إحداهما سابقة وهي تزايد استعداد قبول الصورة العضوية والأخرى لاحقة وهي حصول هذه الصورة فالحالة الأولى فعل القوة الهاضمة والثانية فعل القوة الغاذية وهذا معنى قوله وهي أي الهضم الذي هو فعل الهاضمة استحالات ما واقعة بين تمام فعل الجاذبة وابتداء حصول فعل الغاذية التي هي كون ما أعني حصول الصورة العضوية
(٥٤٦)