الأول قالوا وهذه القوى الأربع الخادمة للأربع الأول تخدمها الكيفيات الأربع فأشد القوى حاجة إلى الحرارة الهاضمة لأن الهضم عبارة عن إحالة الغذاء في الكيف وهي لا تحصل إلا بتفريق الأجزاء الغليظة وجمع الأجزاء الرقيقة ولا يحصلان إلا بحركة مكانية ففعل الهاضمة حركتان كيفية وأينية وكل واحد من الجذب والدفع حركة واحدة أينية والإمساك وإن لم يكن في نفسه حركة بل هو منع عن الحركة إلا أنه لا يحصل إلا بتحريك الليف المورب إلى هيئة الاشتمال فلا بد فيه أيضا من الحركة الأينية وإذا ثبت أن أفعال هذه القوى لا تتم إلا بالحركة ولا شك أن البرودة مميتة مخدرة فلا ينفع بالذات شيئا من القوى بل هي محتاجة في أفعالها وحركاتها إلى الحرارة التي تعاونها فما كانت الحركة فيها أكثر كالهاضمة كانت حاجتها إلى الحرارة أشد ثم الجاذبة لأنها تحتاج إلى حركات في الأين كثيرة قوية قالوا والاجتذاب إما بفعل القوة كما في المغناطيس وإما باضطرار الخلاء كانجذاب الماء في الزراقات وإما بالحرارة كما في السراج وإن كان هذا الأخير راجعا في الحقيقة إلى ذلك الاضطرار فإذا كان مع الجاذبة معاونة حرارة كان الجذب أقوى ثم الدافعة لأن فعلها تحريك محض ثم الماسكة لما مر من أن فعلها لا يحصل إلا بتحريك الليف لكن لما كانت مدة تسكين الماسكة للغذاء أكثر من مدة تحريكها لليف كان احتياجها أقل وأشد القوى حاجة إلى اليبوسة الماسكة لأن فعلها بالذات هو الإمساك والتسكين واليبوسة نافعة في ذلك جدا ثم الجاذبة لأن حاجتها إلى التحريك أمس من حاجتها إلى تسكين أجزاء آلتها
(٥٥٦)