الناس حينئذ معاوية في جمادي الأولى سنة إحدى وأربعين، وكان ذلك العام يسمى عام الجماعة لاجتماعهم على أمام واحد.
ففي هذا الحديث دليل على أن واحدا من الفريقين لم يخرج بما كان منه في تلك الفتنة من قول أو فعل عن ملة الاسلام، لأن النبي (ص) جعلهم كلهم مسلمين مع كون إحدى الطائفتين مصيبة والأخرى مخطئة، وهكذا سبيل كل مقاول فيما يتعاطاه من رأي أو مذهب إذا كان له فيما يناوله شبهة وإن كان مخطئا في ذلك ولأجل هذا اتفقوا على قبول شهادة أهل البغي ونفوذ قضاء قاضيهم، واختار السلف ترك الكلام في الفتنة الأولى وقالوا:
تلك دماء طهر الله تعالى عنها أيدينا فلا نلوث بها ألبستنا.
وفي الحديث أيضا دليل على أنه لو وقف شيئا على أولاده يدخل فيهم ولد الولد لأن النبي (ص) سمى ابن ابنته ابنا والسيد قيل: هو الذي لا يغلبه غضبه وقيل: هو الذي يفوق قومه في الحين، وقيل: السيد الحليم وهذه الأوصاف اجتمعت في الحسن بن علي (رض) وكان (رض) كثير الاجهاد في العبادة والتصدق روي أنه قال: إني لأستحي من الله أن ألقاه ولم أمش إلى بيته فمشى عشرين مرة من المدينة إلى مكة على رجليه. وقال علي بن زيد حج الحسن (رض) خمس عشرة حجة ماشيا وان الجنايب لتقاد معه، وقاسم الله ماله ثلاث مرات حتى أن كان ليعطي نعلا ويمسك نعلا، ويعطي خفا ويمسك خفا (1) ومن سخاءه وكرم طباعه (رض) ما روي أن رجلا دفع إليه رقعة في حاجة فقال له: حاجتك مقضية فقيل له يا ابن رسول الله: لو نظرت في