وأما ما يفعله بعضهم من إعادة ذكر الاسناد في آخر الكتاب أو الجزء بعد ذكره أولا فهذا لا يرفع الخلاف الذي تقدم ذكره في إفراد كل حديث بذلك الاسناد عند روايتها لكونه لا يقع متصلا بكل واحد منها ولكنه بفيد تأكيدا واحتياطا ويتضمن إجازة بالغة من أعلى أنواع الإجازات والله أعلم السادس عشر إذا روى المحدث الحديث بإسناد ثم اتبعه بإسناد آخر وقال عند انتهائه مثله فأراد الراوي عنه أن يقتصر على الاسناد الثاني ويسوق لفظ الحديث المذكور عقيب الاسناد الأول فالأظهر المنع من ذلك وروينا عن أبي بكر الخطيب الحافظ رحمه الله قال كان شعبة لا يجيز ذلك وقال بعض أهل العلم يجوز ذلك إذا عرف أن المحدث ضابط متحفظ يذهب إلى تمييز الألفاظ وعد الحروف فإن لم يعرف ذلك منه لم يجز ذلك وكان غير واحد من أهل العلم إذا روى مثل هذا يورد الاسناد ويقول مثل حدية قبله متنه كذا وكذا ثم يسوقه وكذلك إذا كان المحدث قد قال نحوه قال وهذا هو الذي أختاره أخبرنا أبو أحمد عبد الوهاب بن أبي منصور علي بن علي البغدادي شيخ الشيوخ بها بقراءتي عليه بها قال أنا والدي رحمه الله قال أنا أبو محمد عبد الله بن محمد الصريفيني قال أنا أبو القاسم بن حبابة قال حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد البغوي قال ثنا عمرو بن محمد الناقد قال ثنا وكيع قال قال شعبة فلان عن فلان مثله لا يجزئ قال وكيع وقال سفيان الثوري يجزئ وأما إذا قال نحوه فهو في ذلك عند بعضهم كما إذا قال مثله ونبئنا بإسناد عن وكيع قال قال سفيان إذا قال نحوه فهو حديث وقال شعبة نحوه شك وعن يحيى بن معين أنه أجاز ما قدمنا ذكره في قوله مثله ولم يجزه في قوله نحوه قال الخطيب وهذا القول على مذهب من لم يجز الرواية على المعنى فأما على مذهب من أجازها فلان فرق بين مثله ونحوه قلت هذا له تعلق بما رويناه عن مسعود بن علي السجزي أنه سمع الحاكم أبا عبد الله الحافظ يقول إن مما يلزم الحديثي من الضبط والاتقان أن يفرق بين أن يقول مثله أو يقول نحوه فلا يحل له أن يقول مثله إلا بعد أن يعلم أنهما على لفظ واحد ويحل أن يقول نحوه إذا كان على مثل معانيه والله أعلم
(١٤٤)