إفحام المخاصم - شيث بن إبراهيم - الصفحة ٣٧
إلى قوله تعالى وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا نستفد منه أنه سبحانه لولا أن له أن يعذبهم قبل مجئ الرسل الحق الملك لما تمدح بقوله تعالى وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا وفي ضمن الآية ما في ضمن قوله تعالى ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين وهو سبحانه يعلم قبل أن يبلوهم فتدبره ومن تصرف في ملكه لا يقال أنه ظالم لأن الظلم هو التصرف في ملك الغير بغير إذنه والظلم أيضا أن يتعدى المكلف ما حد له مالكه فإن كان مع الله شريك وله ملك دون الله فيتصرف الله سبحانه في ملك شريكه بغير إذنه فهو ظالم وإن كان الله سبحانه مالك الأعيان ومالك الكونين وبيده ملكوت كل شئ وملكوت السماوات والأرض ولا شريك معه في ملكه ولا يتصور الظلم منه تعالى أبدا فإنه تعالى لا يصادف لغيره ملكا حتى يكون تصرفه فيه ظلما ولا فوقه رب يحد له حدودا حتى إذا خالف حدا من حدوده كان ظالما كما قال من يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا بل هو سبحانه يعذب من يشاء من خلقه بما شاء من عذابه قال الله تعالى في محكم كتابه قال عذابي أصيب به من أشاء ولم يقل من عصى فإياك ثم إياك أن تقيس الدب بالعبد والخالق بالمخلوق فتزل عن صراط ربك المستقيم وتقع في طريق الشيطان الرجيم الذي قاس بعقله قياسا واحدا فزل عن طريق الله فهلك مع الهالكين ونسب هذا الطريق إليه فسمي طريق الشيطان الرجيم وذلك أنه فكر في نفسه وقال النار أشرف من الطين لأن النار
(٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 ... » »»