بعد الهجرة إلى المدينة باعوام وقد روى عن أبن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم مثل رواية أبي هريرة وأبي ثعلبة في النهي عن أكل كل ذي ناب من السباع من وجه صالح قال إسماعيل بن إسحاق القاضي وهذا كله يدل على أنه امر كان بالمدينة بعد نزول * (قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما) * الآية لأن ذلك مكي قال أبو عمر قول الله عز وجل * (قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما) * الآية قد أوضحنا بما أوردنا في هذا الباب بأنه قول ليس على ظاهره وانه ليس نصا محكما لأن النص المحكم ما لا يختلف في تأويله وإذا لم يكن نصا كان مفتقرا إلى بيان الرسول لمراد الله منه كافتقار سائر مجملات الكتاب إلى بيانه قال الله عز وجل * (وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم) * وقد بين رسول الله صلى الله عليه وسلم في أكل كل ذي ناب واكل الحمر الأهلية مراد الله فوجب الوقوف عنده وبالله التوفيق فان قال قائل ان الحمر الأهلية وذا الناب من السباع لو كان اكلها حراما لكفر مستحلها كما يكفر مستحل الميتة ولحم الخنزير فالجواب عن ذلك ان المحرم باية مجتمع تأويلها أو سنة مجتمع على القول بها يكفر مستحله لأن جاء مجيئا يقطع العذر ولا يسوغ فيه التأويل (أ) وما جاء مجيئا يوجب العمل ولا يقطع العذر وساغ فيه التأويل لم يكفر مستحله وان كان مخطئا الا ترى ان المسكر من غير شراب العنب لا يكفر المتأول فيه وان كان قد صح عندنا النهي بتحريمه ولا يكفر من يقول بأن الصلاة يخرج منها المرء ويتحلل بغير سلام وان السلام ليس من فرائضها مع قيام الدليل على وجوب السلام عندنا فيها وكذلك لا يكفر من قال إن قراءة القرآن
(١٤٧)