التمهيد - ابن عبد البر - ج ١ - الصفحة ١٤٦
* (وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم صراط الله) * وقوله * (فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم) * فقرن الله عز وجل طاعته بطاعته وأوعد على مخالفته واخبر أنه يهدى إلى صراطه وبسط القول في هذا موجود في كتب الأصول وليس في هذه الآية دليل على أن لا حرام على أكل الا ما ذكر فيها وانما فيها ان الله أخبر نبيه صلى الله عليه وسلم وأمره أن يخبر عباده انه لم يجد في القرءان منصوصا شيئا محرما على الأكل والشارب الا ما في هذه الآية وليس ذلك بمانع أن يحرم الله في كتابه بعد ذلك وعلى لسان رسوله أشياء سوى ما في هذه الآية وقد اجمعوا ان سورة الأنعام مكية وقد نزل بعدها قرءان كثير وسنن عظيمة وقد نزل تحريم الخمر في المائدة بعد ذلك وقد حرم الله على لسان نبيه اكل كل ذي ناب من السباع أكل الحمر الأهلية وغير ذلك فكان ذلك زيادة حكم من الله على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم كنكاح المرأة على عمتها وعلى خالتها مع قوله * (وأحل لكم ما وراء ذلكم) * كحكمه بالشاهد واليمين مع قول الله * (فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان) * وما أشبه هذا كثير تركناه خشية الإطالة ألا ترى أن الله قال في كتابه * (إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم) * وقد حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم أشياء من البيوع وان تراضا بها المتبايعان كالمزابنة وبيع ما ليس عندك وكالتجارة في الخمر وغير ذلك مما يطول ذكره وقد أجمع العلماء أن سورة الأنعام مكية الا قوله * (قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم) * الآيات الثلاث وأجمعوا أن نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكل كل ذي ناب من السباع انما كان منه بالمدينة ولم يرو ذلك عنه غير أبي هريرة وأبي ثعلبة الخشني (433) واسلامهما متأخر
(١٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 141 142 143 144 145 146 147 148 149 150 151 ... » »»