التمهيد - ابن عبد البر - ج ١ - الصفحة ١٤٢
عن الشرب من في السقاء خوف الهوام لأن أفواه الأسقية تقصدها الهوام وربما كان في السقاء ما يؤذيه فإذا جعل منه في اناء رآه وسلم منه وقالوا في سائر ما ذكرنا نحو هذا مما يطول ذكره وما اعلم أحدا من العلماء جعل النهي عن أكل كل ذي ناب من السباع من هذا الباب وانما هو من الباب الأول الا أن بعض أصحابنا زعم أن النهي عن ذلك نهي تنزه وتقذر ولا أدري ما معنى قوله نهي تنزه وتقذر فان أراد به نهي أدب فهذا ما لا يوافق عليه وان أراد ان كل ذي ناب من السباع يجب التنزه عنه كما يجب التزه عن النجاسة والأقذار فهذا غاية في التحريم لأن المسلمين لا يختلفون في أن النجاسات محرمات العين أشد التحريم لا يحل استباحة أكل شيء منها ولم يرده القائلون من أصحابنا ما حكينا هذا عنهم ولكنهم أرادوا الوجه الذي عند أهل العلم ندب وأدب لأن بعضهم احتج بظاهر قول الله عز وجل * (قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير) * الآية وذكر أن من الصحابة من استعمل هذه الآية ولم يحرم ما عداها فكأنه لا حرام عنده على طاعم الا ما ذكر في هذه الآية ويلزمه على أصله هذا أن يحل أكل الحمر الأهلية وهو لا يقول هذا في الحمر الأهلية لأنه لا تعمل الذكاة عنده في لحومها ولا في جلودها ولو لم يكن عنده محرما الا ما في هذه الآية لكانت الحمر الأهلية عنده حلالا وهو لا يقول هذا ولا أحد من أصحابه وهذه مناقضة وكذلك يلزمه ان لا يحرم ما لم يذكر اسم الله عليه عمدا ويستحل الخمر المحرمة عند جماعة المسلمين وقد اجمعوا ان مستحل خمر العنب المسكر كافر راد على الله عز وجل خبره في كتابه (أ) مرتد يستتاب فان تاب ورجع عن قوله والا استبيح دمه
(١٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 137 138 139 140 141 142 143 144 145 146 147 ... » »»