التمهيد - ابن عبد البر - ج ١ - الصفحة ١٤٠
وفيه من الفقه ان النهي عن أكل كل ذي ناب من السباع نهي تحريم لا نهي أدب وارشاد ولو لم يأت هذا اللفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم لكان الواجب في النظر أن يكون نهيه صلى الله عليه وسلم عن أكل كل ذي ناب من السباع نهي تحريم فكيف وقد جاء مفسرا في هذا الخبر لأن النهي حقيقته الابعاد والزجر والانتهاء وهذا غاية التحريم لأن التحريم في كلام العرب الحرمان والمنع قال الله عز وجل * (وحرمنا عليه المراضع من قبل) * أي حرمناه رضاعهن ومعناه منهن لم يكن ممن تجرى عليه عبادة في ذلك الوقت لطفولته والنهي يقتضي معنى المنع كله وتقول العرب حرمت عليك دخول داري أي منعتك من ذلك وهذا القول عندهم في معنى لا تدخل الدار كل ذلك منع وتحريم ونهي وحرمان وكل خبر جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه نهي فالواجب استعماله على التحريم الا أن يأتي معه أو في غيره دليل يبين المراد منه أنه ندب وأدب فيقضى للدليل فيه الا ترى إلى نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نكاح الشغار وعن نكاح المحرم وعن نكاح المرأة على عمتها أو خالتها وعن قليل ما اسكر كثره من الأشربة وعن سائر ما نهى عنه من أبواب (أ) الربا في البيوع وهذا كله نهى تحريم فكذلك النهى عن أكل كل ذي ناب من السباع والله أعلم وقد اختلف أصحابنا في ذلك على ما سنبينه في آخر (ب) هذا الباب إن شاء الله ومما يدل على أن ما رواه إسماعيل بن أبي حكيم عن عبيدة بن سفيان عن أبي هريرة في هذا الحديث كما رواه ما حدثني به أبو عثمان سعيد بن نصر قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا محمد بن وضاح
(١٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 135 136 137 138 139 140 141 142 143 144 145 ... » »»