المدينة فدخلت المسجد وقيدت بعيري فجاء رجل فجلد فقلت له يا نائك أمه فرفعني إلى أبي هريرة وهو خليفة لمروان فضربني ثمانين قال فركبت بعيري وقلت (لعمرك انني يوم اضرب قائما * ثمانين سوطا انني لصبور) واختلفوا في أشد الحدود ضربا فقال مالك وأصحابه والليث بن سعد الضرب في الحدود كلها سواء ضرب غير مبرح ضرب بين ضربين وقال أبو حنيفة وأصحابه التعزير أشد الضرب وضرب الزنى أشد من الضرب في الخمر وضرب السارق أشد من ضرب القاذف وقال الثوري ضرب الزنى أشد من ضرب القذف وضرب القذف أشد من ضرب الشرب وقال الحسن بن حي ضرب الزنى أشد من ضرب الشرب والقذف وعن الحسن البصري مثله وزاد وضرب الشرب أشد من التعزير وقال عطاء بن أبي رباح حد [الزنية] أشد من حد الفرية وحد الفرية والخمر واحد قال أبو عمر القياس ان يكون الضرب في الحدود كلها واحدا لورود التوقيف فيها على عدد الجلدات ولا يرد في شيء منها تخفيف ولا تثقيل عما يجب التسليم له فوجبت التسوية في ذلك ومن فرق بين شيء من ذلك احتاج إلى دليل وقد ذكرنا ما نزعت به كل فرقة من الآثار لأقوالهم في كتاب (التمهيد) قال أبو عمر روى شعبة عن واصل عن المعرور بن سويد قال اتي عمر بن الخطاب بامرأة زنت فقال أفسدت حسبها اضربوها حدها ولا تخرقوا عليها جلدها وروي عن علي أنه قال لقنبر في العبد الذي أقر عنده بالزنى اضربه كذا وكذا ولا تنهك وروي عن علي وعمر رضي الله عنهما دليل على أن قول الله عز وجل * (ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله) * [النور 2] لم يرد به شدة الضرب والاسراف فيه وانما أراد تعطيل الحدود وان لا تأخذ الحكام رأفة على الزناة فلا يجلدونهم ويعطلوا الحدود
(٥٠٠)