المسيب عن النبي صلى الله عليه وسلم دفع خيبر إلى اليهود على أن يعملوا فيها ولهم شطرها قال فمضى على ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وصدرا من خلافة عمر ثم اخبر عمر ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في وجعه الذي مات فيه (لا يجتمع دينان بأرض الحجاز أو قال (بأرض العرب) ففحص عنه حتى وجد الثبت عليه فقال من كان عنده عهد من رسول الله صلى الله عليه وسلم فليات به والا فاني مجليكم فأجلاهم عمر) وقد ذكرنا كثيرا من الآثار بهذا المعنى في (التمهيد) والحمد لله وليس في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لليهود (أقركم الله) دليل على أن المساقاة تجوز إلى مجهول أو إلى غير اجل لان في قوله أقركم ما أقركم الله دليلا واضحا على أن ذلك خصوص لأنه كان ينتظر في ذلك القضاء من ربه وليس كذلك غيره وقد أحكمت الشريعة معاني الإجارات وسائر المعاملات وجمهور العلماء بالمدينة وغيرها المجيزون للمساقاة لا تجوز عندهم الا إلى سنين معلومة أو أعوام معدودة الا انهم يكرهونها فيما طال من السنين وقد قيل إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لهم (أقركم ما أقركم الله) وكان يخرص عليهم لان الله عز وجل - كان قد أفاء عليه وعلى من معه خيبر بمن فيها فكانوا له عبيدا كما قال بن شهاب افاءها الله وأهلها عليهم فاقرهم فيها صلى الله عليه وسلم ليعملوها على الشطر ومعلوم انه جائز بين السيد وعبده في البيع وغيره ما لا يجوز بين الأجنبيين لان العبد لسيده اخذ ما بيده من المال عند الجميع لا يختلف في ذلك من يراه يملك ومن يقول إنه لا يجوز ان يملك واما الخرص في المساقاة فان ذلك غير جائز عند جمهور العلماء لان المتساقيين شريكان فلا يقتسمان الثمرة الا بما يجوز من بيع الثمار [بعضها ببعض وبما لم يدخله المزابنة لنهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها ومن قال هذا قال انما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبعث إلى يهود خيبر من يخرص الثمار عليهم] عند طيبها لاحصاء الزكاة لان المساكين ليسوا شركاء متعينين والشركاء اليهود ولو تركوا واكل الثمر رطبا والتصرف فيه بالعطية أضر ذلك بالمسلمين وبسهم المساكين فخرصت عليهم لذلك وأهل الأموال [امناء في ذلك مع ما] وصفنا من قولهم ان اليهود كانوا عبيدا للمسلمين والله أعلم
(٤١)