الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٧ - الصفحة ٤٠
في الأرض ان شاء قسمها [وأهلها] بين الغانمين كسائر الغنيمة كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم في خيبر وان شاء أقر أهلها عليها وجعل عليهم الخراج وتكون ملكا لهم يجوز بيعهم لها كسائر [ما يملكون] واما مالك فلا يرى الامام مخيرا في ذلك وارض العنوة عنده غير مملوكة وانما المملوكة عنده ارض الصلح التي صالح عليها أهلها وقد شرحنا هذه المعاني في (التمهيد) وكان الشافعي وأصحابه يذهبون إلى أن الامام يقسم الأرض في كل ما افتتح عنوة كما يقسم سائر الغنائم وان أربعة أخماسها مملوكة للموجفين عليها بالخيل والركاب ومن حضر القتال والفتح من مقاتل ومكتر بالغ حر وانما الخمس عنده المقسوم على ما نص الله تعالى في [كتابه] في سورة الأنفال وقد ذكرنا معاني الخمس واختلاف أهل العلم في كتاب الجهاد وانما ذكرنا ها هنا طرفا من احكام الأرضين المفتتحات عنوة لما جرى من فتح خيبر واختلف العلماء في ذلك وحجة الشافعي فيما ذهب إليه من هذا الباب عموم قول الله عز وجل " واعلموا انما غنمتم من شيء فأن لله خمسه " الآية [الأنفال 41] يعني والأربعة الأخماس للغانمين فملكهم كل ما غنموا من ارض وغيرها [مع] ما روي في خيبر ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قسمها بين أهل الحديبية الذين وعدهم الله تعالى بها وهم الذين افتتحوها واما قوله في حديث مالك في هذا الباب (أقركم ما أقركم الله) فالمعنى في ذلك - والله أعلم - انه صلى الله عليه وسلم كان يكره ان يكون بأرض العرب غير المسلمين وكان يحب الا يكون فيها دينان كنحو محبته في استقبال الكعبة حتى نزلت " قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضها " الآية [البقرة 144] وكان لا يتقدم في شيء الا بوحي وكان يرجو ان يحقق الله رغبته في ابعاد اليهود عن جواره فذكر ليهود خيبر ما ذكر منتظرا للقضاء [فيهم] فلم يوح إليه في ذلك شيء حتى حضرته الوفاة فاتاه الوحي في ذلك فقال (لا يبقين دينان بأرض العرب) (1) وأوصى بذلك والشواهد بما ذكرنا كثيرة جدا منها ما ذكره معمر عن بن شهاب عن بن
(٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 ... » »»