الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٧ - الصفحة ١٣٥
قال الليث بالموت يكون ظاهرا معلوما لا يخفى وان اعلم المرتهن الراهن بموته أو إباقه أو اعلم السلطان - ان كان صاحبه غائبا - حلف وبرىء وقالت طائفة من أهل الحجاز منهم سعيد بن المسيب وبن شهاب الزهري وعمرو بن دينار ومسلم بن خالد الزنجي والشافعي وأصحابه الرهن كله أمانة قليلة وكثيرة ما يغاب عليه منه وما لا يغاب عليه ولا يضمن الا بما يضمن به الودائع من التعدي والتضييع كسائر الأمانات ولا يضير المرتهن هلاك الرهن ودينه ثابت على حاله وسواء عندهم الحيوان في ذلك والدور والرباع والثياب والحلي وغير ذلك وبه قال أحمد بن حنبل وأبو ثور وداود بن علي وجمهور أهل الحديث وحجتهم في ذلك حديث سعيد بن المسيب عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم ومنهم من يرسله عن سعيد ومنهم من يجعله من قوله (الرهن من صاحبه الذي رهنه له غنمه وعليه غرمه) وقد أوضحنا ذلك كله في (التمهيد) وقال هؤلاء يعني قوله صلى الله عليه وسلم له عنه أي له غلته وخراجه وفائدته كما له رقبته ومعنى عليه غرمه أي فكاكه ومصيبته قالوا والمرتهن ليس بمعتد حينئذ فيضمن وانما يضمن من تعدى وقال المزني قد قال مالك ومن تابعه ان الحيوان ما ظهر هلاكه أمانة وقال أبو حنيفة ومن قال بقوله ما زاد على قيمة الرهن فهو أمانة فالواجب بحق النظر ان يكون كله أمانة ومعنى قوله له غنمة وعليه غرمه عند مالك وأصحابه أي له غلته وخراجه واجرة عمله كما قال من تقدم ذكره قالوا ومعنى قوله وعليه غرمه أي نفقته ليس الفكاك والمصيبة قالوا لان الغنم إذا كان الخراج والغلة كان الغرم ما قابل ذلك من النفقة قالوا والأصل ان المرتهن إذا لم يتعمد لم يضمن ما ظهر هلاكه ويضمن ما غاب هلاكه من حيث ضمنه المستعير سواء لان لكل واحد منهما اخذ الشيء لمنفعة نفسه والمرتهن اخذه وتبعه بحقه والمستعير اخذ العارية للمنفعة بها دون صاحبها ما دامت عنده
(١٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 130 131 132 133 134 135 136 137 138 139 140 ... » »»