[وأما قولها] ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من كان معه هدي فليحل بالحج مع العمرة ثم لا يحل حتى يحل منها جميعا وفيه أدل دليل على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في حجته قارنا فإنه لا خلاف أنه كان معه يومئذ الهدي ساقه مع نفسه وقلده بذي الحليفة وأشعره إلى ما أتى به علي من اليمن ويؤيد ما ذكرنا حديث حفصة عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله إني لبدت رأسي وقلدت هديي فلا أحل حتى أنحر الهدي فهذا القول مع قوله لأصحابه من كان معه هدي فليهل بالحج مع العمرة أوضح دليل على أنه كان قارنا صلى الله عليه وسلم والله أعلم إلى الآثار التي قدمنا ذكرها في باب القران قد صرحت وأفصحت بأنه كان قارنا فإذا كان ما ذكرنا كما وصفنا كان معنى قول عائشة رحمها الله في رواية القاسم ومن تابعه عنها بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أفرد الحج أي أباح الإفراد وأذن فيه وأمر به وبينه صلى الله عليه وسلم وقد أوضحنا وجوه الإفراد والتمتع والقران فيما تقدم والحمد لله وفي رواية مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أفرد الحج دليل على أن يحيى وهم في رواية حديث هذا الباب عن مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه وإنما هو حديث عن بن شهاب عن عروة عن عائشة عند الجميع وقد يمكن أن يكون الحديث عند مالك عن عبد الرحمن بن القاسم [كما رواه يحيى عنه] فذكره في حين كون يحيى عنده وأما قولها فقدمت مكة وأنا حائض فلم أطف بالبيت ولا بين الصفا والمروة فهذا ما لا خلاف فيه أيضا أن الحائض لا تطوف بالبيت وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لها افعلي ما يفعل الحاج غير ألا تطوفي بالبيت وقد أجمعوا أن سنة الطواف بين الصفا والمروة أن يكون موصولا بالطواف بالبيت وقد أوضحنا فيما سلف من كتابنا معاني ذلك كله
(٣٦٤)