الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٤ - الصفحة ٣٦٥
وأما قولها فشكوت ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال انقضي رأسك وأهلي بالحج ودعي العمرة [فإن جماعة من أصحابنا وأصحاب الشافعي تأولوا في قوله ودعي العمرة] أي دعي عمل العمرة يعني الطواف بالبيت والسعي بين الصفا والمروة لأنه صلى الله عليه وسلم أمرها برفض العمرة وإن شاء الحج كما زعم الكوفيون وذكر بن وهب عن مالك أنه قال في حديث عروة عن عائشة هذا ليس عليه العمل عندنا قديما ولا حديثا قال وأظنه وهما قال أبو عمر يريد مالك أنه ليس عليه العمل في رفض العمرة لأن الله عز وجل قد أمرنا بإتمام الحج والعمرة لكل من دخل فيهما والذي عليه العمل عند مالك والشافعي وجمهور أهل الحجاز في المعتمرة تأتيها حيضتها قبل أن تطوف بالبيت وتخشى فوت عرفة وهي حائض لم تطف أنها تهل بالحج وتكون كمن قرن بين الحج والعمرة ابتداء وعليها هدي القران ولا يعرفون رفض العمرة ولا رفض الحج لأحد دخل فيهما أو في أحدهما وممن قال بذلك مالك والأوزاعي والشافعي وأبو ثور وإبراهيم بن علية كلهم يقول ذلك في الحائض المعتمرة وفي المعتمر يخاف فوت عرفة قبل أن يطوف قالوا فلا يكون إهلاله رفضا للعمرة بل يكون قارنا بإدخال الحج على العمرة ودفعوا حديث عروة عن عائشة المذكور في هذا الباب بضروب من الاعتدال وعارضوه بآثار مروية عن عائشة بخلافه قد ذكرناها كلها [أو أكثرها] في التمهيد وذكرنا اعتلالهم هناك بما أغنى عن ذكره هنا واختصار ذلك أن القاسم وعمرة والأسود رووا عن عائشة أنها كانت محرمة بحجة لا بعمرة فكيف يصح أن يقول لها دعي العمرة وقد أوضحنا هذا وجئنا بألفاظ الأحاديث الشاهدة بذلك في التمهيد قال إسماعيل بن إسحاق لما اجتمع هؤلاء الثلاثة يعني القاسم والأسود وعمرة على أن عائشة كانت محرمة بحج لا بعمرة علمنا بذلك أن الرواية التي رويت عن عروة غلط وقال الثوري وأبو حنيفة وأصحابه المعتمرة الحائض إذا خافت فوت عرفة
(٣٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 360 361 362 363 364 365 366 367 368 369 370 ... » »»