الاستذكار - ابن عبد البر - ج ١ - الصفحة ٣٨
وروى يحيى بن يحيى ((متلففات)) بالفاء وتابعة طائفة من رواة الموطأ وأكثر الرواة على ((متلفعات)) بالعين والمعنى واحد والمروط أكسية الصوف وقد قيل المرط كساء صوف سداه شعر وفي هذا الحديث التغليس بصلاة الصبح وهو الأفضل عندنا لأنها كانت صلاة رسول الله وأبي بكر وعمر ولفظ حديث عائشة هذا يدل على أنه كان الأغلب من فعله والذي كان يداوم عليه لقولها كان رسول الله يصلي الصبح في وقت كذا أو على صفة كذا يدل على أن ذلك فعله دهره أو أكثر دهره والله أعلم وإلى التغليس بها ذهب مالك والشافعي وأحمد بن حنبل وعامة فقهاء الحجاز وهو الأفضل عندهم وبه قال داود وذهب الكوفيون إلى الإسفار بها على ما قدمنا ذكره عنهم وهو أفضل عندهم من قول طاوس وإبراهيم وجماعة وقال الطحاوي إنما تتفق معاني آثار هذا الباب بأن يكون دخوله عليه السلام - مغلسا ثم يطيل القراءة حتى ينصرف عنها مسفرا وهذا خلاف قول عائشة لأنها حكت أن انصراف النساء كان وهن لا يعرفن من الغلس ولو قرأ - عليه السلام - بالسور الطوال ما انصرف الناس إلا وهم قد أسفروا بل دخلوا في الإسفار جدا ألا ترى إلى أبي بكر حين قرأ بالبقرة في ركعتي صلاة الصبح فانصرف فقيل له كادت الشمس أن تطلع فقال لو طلعت لما وجدتنا غافلين ورواه بن عيينة وغيره عن بن شهاب عن أنس أنه صلى خلف أبي بكر فذكره وذكر عبد الرزاق عن بن جريج قال قلت لعطاء أي حين أحب إليك أن أصلي الصبح إماما وخلوا قال حين ينفجر الفجر الآخر ثم تطول القراءة والركوع والسجود حتى تنصرف منها وقد تبلج النهار وتتام الناس (1) ولقد بلغني أن عمر بن الخطاب كان يصليها حين ينفجر الفجر الآخر وكان يقرأ في إحدى الركعتين بسورة يوسف وأما قول عطاء الفجر الآخر فهو مأخوذ - والله أعلم - من حديث مرسل ذكره بن وهب عن بن أبي ذئب عن الحارث بن عبد الرحمن عن محمد بن عبد
(٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 ... » »»