الاستذكار - ابن عبد البر - ج ١ - الصفحة ٣٥
في هذا الحديث من الفقه تأخير البيان عن وقت السؤال وقت آخر يجب فيه فعل ذلك فأما تأخير البيان عن حين تكليف الفعل والعمل حتى ينقضي وقته فغير جائز عند الجميع وهذا باب طال فيه الكلام بين أهل النظر من أهل الفقه وقد أوضحناه في ((التمهيد)) وقد يكون البيان بالفعل - فيما سبيله العمل - أثبت في النفوس من القول دليل ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ((ليس الخبر كالمعاينة)) (1) رواه بن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم لم يروه غيره وفي هذا الحديث أن أول وقت صلاة الصبح طلوع الفجر وأن آخر وقتها ممدود إلى آخر الإسفار على ما مضى في الحديث الذي قبل هذا ولا خلاف بين علماء المسلمين في أن أول وقت صلاة الصبح طلوع الفجر على ما في هذا الحديث وظهوره للعين والفجر هو أول بياض النهار الظاهر في الأفق الشرقي المستطير المنير المنتشر تسميه العرب الخيط الأبيض قال الله عز وجل * (حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود) * [البقرة 187] يريد بياض النهار من سواد الليل وقال أبو دؤاد الإيادي (فلما أضاءت لنا سدفة * ولاح من الصبح خيط أنارا (2)) وقال آخر (قد كاد يبدو أو بدت تباشره * وسدف الليل البهيم ساتره (3)) وسمته أيضا الصديع ومنه قولهم انصدع الفجر قال بشر بن أبي خازم أو عمرو بن معد يكرب (به السرحان مفترشا يديه * كأن بياض لبته الصديع
(٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 ... » »»