الاستذكار - ابن عبد البر - ج ١ - الصفحة ٣٣
وفي الحديث دليل على قصر بنيانهم وحيطانهم لأن الحديث إنما قصد به تعجيل العصر وذلك إنما يكون مع قصر الحيطان وإنما أراد عروة بذلك ليعلم عمر بن عبد العزيز عن عائشة أن النبي كان يصلي العصر قبل الوقت الذي أخرها إليه عمر وقد ذكرنا في كتاب ((التمهيد)) عن الحسن البصري قال كنت أدخل بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وأنا محتلم فأنال سقفها بيدي وذلك في خلافة عثمان وقال الأوزاعي كان عمر بن عبد العزيز يصلي الظهر في الساعة الثامنة والعصر في الساعة العاشرة حين يدخل حدثني بذلك عاصم بن رجاء بن حيوة قال أبو عمر هذه حاله إذ صار خليفة وحسبك به اجتهادا في خلافته روى الليث بن سعد عن بن شهاب عن عروة عن عائشة أنها قالت ((إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي العصر والشمس في حجرتها لم يظهر الفيء من حجرتها)) ورواه بن عيينة عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي العصر والشمس في حجرتي بيضاء نقية لم يظهر الفيء بعد)) وفي رواية معمر لهذا الحديث عن بن شهاب قال قال عمر لعروة انظر ما تقول يا عروة أو أن جبريل هو سن وقت الصلاة فقال له عروة كذلك حدثني بشير بن أبي مسعود الأنصاري فما زال عمر يعتلم وقت الصلاة بعلامة حتى فارق الدنيا وقد روي أنه ولى بعد الجمعة فأنكرت حاله في العصر وفيه دليل على قبول خبر الواحد (1) لأن عمر قبل خبر عروة وحده فيما جهل من أمر دينه - وهذا منا على التنبيه فإن قبول خبر الواحد مستفيض عند الناس مستعمل لا على سبيل الحجة لأنا لا نقول إن خبر الواحد حجة في قبول خبر الواحد على من أنكره وقد أفردنا للحجة في خبر الواحد كتابا والحمد لله وفيه ما كان عليه العلماء من صحبة الأمراء وكان عمر بن عبد العزيز يصحبه جماعة من العلماء منهم رجاء بن حيوة وبن شهاب وعروة وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود وأخلق بالأمير إذا صحب العلماء أن يكون عدلا فاضلا وروى حماد بن زيد عن محمد بن الزبير قال دخلت على عمر بن عبد
(٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 ... » »»