الاستذكار - ابن عبد البر - ج ١ - الصفحة ٣٦
وشبهه الشماخ بمفرق الرأس لمن فرق شعره فقال (إذا ما الليل كان الصبح فيه * أشق كمفرق الرأس الدهين (1)) ويقولون للأمر الواضح هذا كفلق الصبح وتباشير الصبح وكانبلاج الفجر وقد زدنا هذا بيانا في ((التمهيد)) وفي قوله صلى الله عليه وسلم ((ما بين هذين وقت)) دليل على سعة الوقت في الصبح وفي غيرها من الصلوات على ما قد أوضحنا فيما مضى من الأوقات ونزع بقوله ((ما بين هذين وقت)) إلى جعل أول الوقت كآخره في الفضل ومال إلى ذلك بعض أصحاب مالك وقال به أهل الظاهر وخالفهم جمهور العلماء ونزعوا بأشياء قد ذكرتها في ((التمهيد)) وعمدتها أن المبادر إلى أداء فرضه في أول الوقت - أفضل من المتأني به وطالب الرخصة في السعة فيه بدليل قوله عز وجل * (فاستبقوا الخيرات) * [البقرة 148] وقوله * (سابقوا إلى مغفرة من ربكم) * [الحديد 31] وقال عليه السلام - ((أول الوقت رضوان الله وآخره عفو الله)) (2) وقال - عليه السلام أفضل الأعمال ((الصلاة لأول وقتها)) (3) وقد ذكرنا الحديث في ((التمهيد)) واختلف الفقهاء في الأفضل من صلاة الصبح فذهب الكوفيون وأبو حنيفة وأصحابه والثوري والحسن بن حي وأكثر العراقيين إلى أن الإسفار بها أفضل من التغليس في الأزمنة كلها الشتاء والصيف واحتجوا بحديث رافع بن خديج عن النبي عليه السلام ((أسفروا بالصبح فكلما أسفرتم فهو أعظم للأجر
(٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 ... » »»