النصيحة في الدين لمن لا صلاة له ولا دين لمن لا صلاة له روي عن النبي - عليه السلام - أنه قال ((من استرعاه الله رعية فلم يحطها بالنصيحة لم يرح رائحة الجنة)) (1) وكان عمر لرعيته كالأب الحدب لأنه كان يعلم أن كل راع مسؤول عن رعيته وأما قوله حفظها - فحفظها علم ما لا تتم إلا به من وضوئها وسائر أحكامها وأما قوله ((وحافظ عليها)) فتحتمل المحافظة على أوقاتها والمسابقة إليها والمحافظة إنما تكون على ما أمر به العبد من أداء فريضة ولا تكون إلا في ذلك أو في معناه من فعل ما أمر به العبد أو ترك ما نهي عنه ومن هنا لا يصلح أن تكون المحافظة من صفات الباري ولا يجوز أن يقال محافظ ومن صفاته حفيظ وحافظ جل وتعالى علوا كبيرا وأما قوله ((أن صلوا الظهر إذا كان الفيء ذراعا)) فإنه أراد فيء الإنسان أن يكون ذراعا زائدا على القدر الذي تزول عليه الشمس صيفا وشتاء وذلك ربع قامة ولو كان القائم ذراعا لكان مراد عمر من ذلك ربع ذراع ومعناه - على ما قدمناه - لمساجد الجماعات لنا يلحق الناس من الاشتغال ولاختلاف أحوالهم فمنهم الخفيف والثقيل في حركاته وقد مضى في حديث بن شهاب في أول الكتاب من معاني الأوقات ما يغني عن القول ها هنا في شيء منها ودخول الشمس صفرة معلومة في الأرض تستغني عن التفسير والفرسخ ثلاثة أميال واختلف في الميل وأصح ما قيل فيه ثلاثة آلاف ذراع وخمسمائة ذراع وهذا كله من عمر على التقريب وليس في شيء من ذلك تحديد ولكنه يدل على سعة الوقت وما قدمنا في الأوقات يغني والحمد لله وأما قوله ((وآخر العشاء ما لم تنم)) فكلام ليس على ظاهره ومعناه النهي عن النوم قبلها لأنه قد ثبت النهي عن النوم قبلها واشتهر عند العلماء شهرة توجب القطع أن عمر لا يجهل ذلك
(٤٩)