الاستذكار - ابن عبد البر - ج ١ - الصفحة ٣٢
وأجمعوا على أن أول وقت صلاة الصبح طلوع الفجر وانصداعه (1) وهو البياض المعترض في الأفق الشرقي في آخر الليل وهو الفجر الثاني الذي ينتشر ويظهر وأن آخر وقتها طلوع الشمس إلا أن بن القاسم روى عن مالك آخر وقتها الإسفار وكذلك حكى عنه بن عبد الحكم أن آخر وقتها الإسفار الأعلى وقال بن وهب آخر وقتها طلوع الشمس وهو قول الثوري والجماعة إلا أن منهم من شرط إدراك ركعة منها قبل الطلوع على حسب ما مضى في العصر قال الشافعي لا تفوت صلاة الصبح حتى تطلع الشمس قبل أن يدرك منها ركعة بسجودها فمن لم تكمل له ركعة قبل طلوع الشمس فقد فاتته وهو قول أبي ثور وأحمد وإسحاق وداود والطبري وأبي عبيد وأما أبو حنيفة وأصحابه فإنهم يفسدون صلاة من طلعت عليه الشمس وهو يصليها وسيأتي ذكر حجتهم والحجة عليهم في حديث زيد بن أسلم وأما قول عروة ((ولقد حدثتني عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي العصر والشمس في حجرتها قبل أن تظهر - فمعناه عندهم قبل أن يظهر الظل على الجدار يريد قبل أن يرتفع ظل حجرتها على جدرها وكل شيء علا شيئا فقد ظهر عليه قال الله تعالى * (فما اسطاعوا أن يظهروه) * [الكهف 97] أي يعلوا عليه وقال النابغة الجعدي (بلغنا السماء مجدنا وجدودنا * وإنا لنرجو فوق ذلك مظهرا (2)) أي مرتقى وعلوا وقيل معناه أن يخرج الظل من قاعة حجرتها وكل شيء خرج أيضا فقد ظهر والحجرة الدار وكل ما أحاط به حائط فهو حجرة
(٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 ... » »»