الإنتقاء في فضائل الثلاثة الأئمة الفقهاء - ابن عبد البر - الصفحة ٤١
على خلاف ذلك وما ذكره محمد بن عمر فحدثناه الحارث بن أبي أسامة عن محمد بن سعد عنه قال سمعت مالك بن أنس يقول لما حج أبو جعفر المنصور دعاني فدخلت عليه فحادثته وسألني فأجبته فقال إني عزمت ان آمر بكتبك هذه التي قد وضعت يعنى الموطأ فتنسخ نسخا ثم أبعث إلى كل مصر من أمصار المسلمين منها نسخة وآمرهم أن يعملوا بما فيها ولا يتعدوها إلى غيرها ويدعوا ما سوى ذلك من هذا العلم المحدث فانى رأيت أصل العلم رواية أهل المدينة وعلمهم قال فقلت يا أمير المؤمنين لا تفعل هذا فان الناس قد سبقت إليهم أقاويل وسمعوا أحاديث ورووا روايات وأخذ كل قوم بما سبق إليهم وعملوا به ودانوا به من اختلاف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وغيرهم وان ردهم عما اعتقدوه شديد فدع الناس وما هم عليه وما اختار أهل كل بلد لأنفسهم فقال لعمري لو طاوعتنى على ذلك لأمرت به وذكر الزبير بن بكار قال نا يحيى بن مسكين ومحمد بن مسلمة قالا سمعنا مالكا يذكر دخوله على أبي جعفر وقوله في انتساخ كتبه في العلم وحمل الناس عليها قال مالك فقلت له يا أمير المؤمنين قد رسخ في قلوب أهل كل بلد ما اعتقدوه وعملوا به ورد العامة عن مثل هذا عسير قال محمد بن عمر الواقدي كان مالك يجلس في منزله على ضجاع له ونمارق مطروحة يمنة ويسرة في سائر البيت لمن يأتي من قريش والأنصار والناس كان مجلسه مجلس وقار وحلم قال وكان رجلا
(٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 ... » »»