كتاب الهواتف - ابن أبي الدنيا - الصفحة ٨٥
زمن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - إذا هي قد جاءت، قد عفا شعرها، وأظفارها، فقام إليها أبوها يلثمها، ويقول: أي بنية أين كنت، وأين نبأت بك الأرض؟. قالت: أتذكر ليلة الغدير؟ قال: نعم. قالت: وافاني عليه جان فاختطفني، فذهب بي فلم أزل فيهم، والله ما نال مني محرما، حتى إذا جاء الله بالإسلام، غزوا قوما مشركين فيهم، أو غزاهم قوم مشركون منهم، فجعل لله عز وجل عليه إن هو ظفر وأصحابه أن يردني على أهلي، فظفر هو وأصحابه فحملني فأصبحت وأنا أنظر إليكم، وجعل بيني وبينه أمارة إذا أنا احتجت إليه أن أولول بصوتي فأخذوا من شعرها وأظفارها، ثم زوجها أبوها شابا من الحي، فوقع بينه وبينها ما يقع بين الرجل وزوجته فقال: يا مجنونة إنما نشأت في الجن، فولولت بصوتها فإذا هاتف يهتف: يا معشر بني الحارث اجتمعوا وكونوا أحباء كراما. قلنا: يا هذا نسمع صوتا، ولا نرى شيئا.
فقال: أنا رب فلانة، رعيتها في الجاهلية بحبي، وحفظتها في الإسلام بديني، والله ما نلت منها محرما قط، إني كنت في أرض بني فلان نباءة هو من صوتها فتركت ما كنت فيه، ثم أقبلت فسألتها، فقالت: عيرني صاحبي أني كنت فيكم، قال: والله لو كنت تقدمت إليه لفقأت عينيه، فتقدموا إليه: أي فل: أظهر لنا نكافئك فلك عندنا الجزاء والمكافأة. فقال: إن أبانا سأل فيما سأل أن نرى ولا نرى، وأن لا نخرج من تحت الثرى، وأن يعود شيخنا فتى. فقالت له عجوز من الحي: أي فل بنية لي عريس أصابتها حمى الربع فهل لها عندك دواء؟ قال: على الخبير سقطت، أنظري إلى ذباب الماء الطويل القوائم الذي يكون على أفواه الأنهار فخذي سبعة ألوان عهن من أصفره، وأحمره، وأخضره، وأسوده فاجعليه في وسط ذلك، ثم افتليه بين إصبعيك، تم اعقديه عنه على عضدها اليسرى، ففعلت فكأنما أنشطت من عقال ".
(113) - حدثنا إسحاق بن إسماعيل، ثنا خالد بن الحارث الهجيمي، ثنا سعيد بن أبي عروة، عن قتادة، عن أبي نضرة، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى:
" أن رجلا من قومه خرج ليصلي مع قومه صلاة العشاء ففقد، فانطلقت امرأته إلى عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - فحدثته بذلك، فسأل عن ذلك قومها
(٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 ... » »»
الفهرست