الحدود، ونبأ ذلك عثمان، وشكاه إلى الناس، فاجتمعوا على أن يجلدوا في النبيذ، فأخذ نفر منهم فجلدوا.
[و] لما حدثت الأحداث بالمدينة، خرج منها رجال إلى الأمصار مجاهدين، وليدنوا من العرب، فمنهم من أتى البصرة، ومنهم من أتى الكوفة، ومنهم من أتى الشام، فهجموا جميعا من أبناء المهاجرين بالأمصار على مثل ما حدث في أبناء المدينة إلا ما كان من أبناء الشام، فرجعوا جميعا إلى المدينة إلا من كان بالشام، فأخبروا عثمان بخبرهم، فقام عثمان في الناس خطيبا فقال: يا أهل المدينة، أنتم أصل الإسلام، وإنما يفسد الناس بفسادكم ويصلحون بصلاحكم، والله، والله، والله، لا يبلغني عن أحد منكم حدث أحدثه إلا سيرته، ألا فلا أعرفن أحدا عرض دون أولئك بكلام ولا طلب، فإن من كان قبلكم كانت تقطع أعضاؤهم دون أن يتكلم أحد منهم يما عليه ولا له. وجعل عثمان لا يأخذ أحدا منهم على شر أو شهر سلاح - عصا فما فوقها - إلا سيره، فضج آباؤهم، من ذلك حتى بلغه أنهم يقولون: ما أحدث التسيير إلا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سير الحكم بن أبي العاص، فقال: إن الحكم كان مكيا، فسيره رسول الله صلى الله عليه وسلم منها إلى الطائف، ثم رده إلى بلده، فرسول الله صلى الله عليه وسلم سيره بذنبه، ورسول الله صلى الله عليه وسلم رده بعفوه. وقد سير الخليفة من بعده، وعمر رضي الله عنه من بعد الخليفة، وأيم الله لآخذن العفو من أخلاقكم، ولأبذلنه لكم من خلقي، وقد دنت أمور، ولا أحب أن تحل بنا وبكم، وأنا على وجل وحذر، فاحذروا واعتبروا.