عمدة القاري - العيني - ج ٢٥ - الصفحة ١٥٨
35 ((باب قول الله تعالى: * (سيقول المخلفون إذا انطلقتم إلى مغانم لتأخذوها ذرونا نتبعكم يريدون أن يبدلوا كلام الله قل لن تتبعونا كذلكم قال الله من قبل فسيقولون بل تحسدوننا بل كانوا لا يفقهون إلا قليلا) * حق * (وما هو بالهزل) * باللعب)) أي: هذا باب في قول الله تعالى: * (يريدون أن يبدلوا كلام الله) * هذا المقدار في رواية الأكثرين، وفي رواية أبي ذر: * (يريدون أن يبدلوا كلام الله) * الآية. وقال ابن بطال: أراد بهذه الترجمة وأحاديث بابها ما أراد في الأبواب قبلها: أن كلام الله تعالى صفة قائمة به وأنه لم يزل متكلما ولا يزال. انتهى. ومعنى قوله: * (يريدون أن يبدلوا كلام الله) * هو أن المنافقين تخلفوا عن الخروج مع رسول الله إلى غزوة تبوك واعتذروا بما علم الله إفكهم فيه، وأمر الله رسوله أن يقرأ عليهم قوله: * (فإن رجعك الله إلى طآئفة منهم فاستأذنوك للخروج فقل لن تخرجوا معى أبدا ولن تقاتلوا معى عدوا إنكم رضيتم بالقعود أول مرة فاقعدوا مع الخالفين) * فأعلمهم بذلك وقطع أطماعهم بخروجهم معه، فلما رأوا الفتوحات قد تهيأت لرسول الله أرادوا الخروج معه رغبة منهم في المغانم، فأنزل الله * (سيقول المخلفون إذا انطلقتم إلى مغانم لتأخذوها ذرونا نتبعكم يريدون أن يبدلوا كلام الله قل لن تتبعونا كذلكم قال الله من قبل فسيقولون بل تحسدوننا بل كانوا لا يفقهون إلا قليلا) * الآية فهذا معنى الآية: أن يبدلوا أمره له بأن لا يخرجوا معه بأن يخرجوا معه، فقطع الله أطماعهم من ذلك مدة أيامه، بقوله: * (فإن رجعك الله إلى طآئفة منهم فاستأذنوك للخروج فقل لن تخرجوا معى أبدا ولن تقاتلوا معى عدوا إنكم رضيتم بالقعود أول مرة فاقعدوا مع الخالفين) * قوله: * (لقول فصل) * وفي رواية أبي ذر * (وإنه لقول فصل) * وفسر قوله: فصل بقوله: حق وفي غير رواية أبي ذر ثبت حق بغير ألف ولام، وسقط من رواية أبي زيد المروزي، وفسر قوله: * (وما هو بالهزل) * باللعب كذا فسره أبو عبيدة.
7491 حدثنا الحميدي، حدثنا سفيان، حدثنا الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم قال الله تعالى: * (يؤذيني ابن آدم يسب الدهر وأنا الدهر، بيدي الأمر أقلب الليل والنهار) * انظر الحديث 4826 وطرفه مطابقته للترجمة في إثبات إسناد القول إلى الله تعالى. وهذا الحديث من الأحاديث القدسية.
قوله: يؤذيني من المتشابهات وكذلك اليد والدهر، فإما أن يفوض وإما أن يؤول، والمراد من الإيذاء النسبة إليه تعالى ما لا يليق له، وتؤول اليد بالقدرة والدهر بالمدهر أي: مقلب الدهور. قوله: أنا الدهر يروى بالنصب أي: أنا ثابت في الدهر باق فيه.
والحديث مضى أولا: في تفسير سورة الجاثية وثانيا: في كتاب الأدب.
7492 حدثنا أبو نعيم، حدثنا الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يقول الله عز وجل: الصوم لي وأنا أجزي به، يدع شهوته وأكله وشربه من أجلي، والصوم جنة، وللصائم فرحتان فرحة حين يفطر، وفرحة حين يلقى ربه، ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك ا مطابقته للترجمة ظاهرة في قوله: يقول الله وأبو نعيم الفضل بن دكين يروي هنا عن الأعمش، كذا وقع عند جميع الرواة إلا أن أبا علي بن السكن قال حدثنا أبو نعيم حدثنا سفيان الأعمش، زاد فيه: سفيان الثوري، قال أبو علي الجياني: الصواب قول من خالفه من سائر الرواة، وأبو صالح ذكوان الزيات.
والحديث مضى في كتاب الصوم في: بابين، ومضى الكلام فيه.
قوله: الصوم لي سائر العبادات لله تعالى ووجه التخصيص به هو أنه لم يعبد أحد غير الله به إذ لم تعظم الكفار في عصر من الأعصار معبودا لهم بالصيام، بخلاف السجود والصدقة ونحوهما. قوله: يدع أي: يترك. قوله: جنة بضم الجيم أي: ترس. قوله: حين يلقى ربه يعني: يوم القيامة. وفيه إثبات رؤية الله تعالى. قوله: ولخلوف بضم الخاء على الأصح، وقيل بفتحها، وهو رائحة الفم المتغيرة. قوله: أطيب عند الله لا يتصور الطيب على الله إلا بطريق الفرض، أي: لو تصور الطيب عند الله لكان الخلوف أطيب.
7493 حدثنا عبد الله بن محمد، عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن همام، عن أبي هريرة
(١٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 153 154 155 156 157 158 159 160 161 162 163 ... » »»