أي: هذا باب في بيان فضل التواضع، وهو إظهار التنزل عن مرتبته. وقيل: هو تعظيم من فوقه من أرباب الفضائل، وفي (رقائق): ابن المبارك عن معاذ بن جبل أنه قال: لن يبلغ ذروة الإيمان حتى تكون الضعة أحب إليه من الشرف، وما قل من الدنيا أحب إليه مما كثر.
1056 حدثنا مالك بن إسماعيل حدثنا زهير حدثنا حميد عن أنس رضي الله عنه: كان ل لنبي صلى الله عليه وسلم ناقة.
قال: وحدثني محمد أخبرنا الفزاري وأبو خالد الأحمر عن حميد الطويل عن أنس قال: كانت ناقة لرسول الله صلى الله عليه وسلم تسمى العضباء، وكانت لا تسبق فجاء أعرابي على قعود له فسبقها، فاشتد ذالك على المسلمين، وقالوا: سبقت العضباء، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن حقا على الله أن لا يرفع شيئا من الدنيا إلا وضعه).
مطابقته للترجمة من حيث إن في طرق هذا الحديث عند النسائي بلفظ: حق على الله أن لا يرفع شيء نفسه في الدنيا إلا وضعه، ففيه إشارة إلى ذم الترفع والحض على التواضع، والإعلام بأن أمور الدنيا ناقصة غير كاملة.
وأخرج البخاري هذا الحديث من طريقين: أحدهما: عن مالك بن إسماعيل بن زياد أبي غسان النهدي الكوفي عن زهير بن معاوية عن حميد الطويل بن أبي حميد عن أنس بن مالك. والآخر: عن محمد بن سلام، قاله الكلاباذي: عن مروان بن معاوية الفزاري بفتح الفاء وتخفيف الزاي وبالراء عن أبي خالد الأحمر سليمان بن حيان بتشديد الياء، آخر الحروف الأزدي.
والحديث مضى في كتاب الجهاد في: باب ناقة النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه أخرجه بالطريق الأول بعين إسناده ومتنه عن مالك بن إسماعيل عن زهير عن حميد عن مالك... إلى آخره.
قوله: (العضباء)، بفتح العين المهملة وسكون الضاد المعجمة وبالمد الناقة المشقوقة الأذن، ولكن ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم، لم تكن مشقوقة الأذن لكن صار هذا لقبالها. قوله: (لا تسبق) على صيغة المجهول. قوله: (على قعود) بفتح القاف وهو البكر من الإبل حين يمكن ظهره للركوب وأدنى ذلك سنتان.
2056 حدثني محمد بن عثمان حدثنا خالد بن مخلد حدثنا سليمان بن بلال حدثني شريك بن عبد الله بن أبي نمر عن عطاء عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله قال: من عاداى لي وليا فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن يكره الموت وأنا أكره إساءته لأعيذنه).
قيل: لا مطابقة بين هذا الحديث والترجمة حتى قال الداودي: ليس هذا الحديث من التواضع في شيء. وقال صاحب (التلويح): لا أدري ما مطابقته لها لأنه لا ذكر فيه للتواضع ولا لما يقرب منه، وقيل: المناسب إدخاله في الباب الذي قبله، وهو: مجاهدة المرء نفسه في طاعة الله، وأجابوا عن ذلك، فقال الكرماني: التقرب بالنوافل لا يكون إلا بغاية التواضع والتذلل للرب تعالى.
قلت: قد سبقه بهذا صاحب (التلويح): فإنه قال: التقرب إلى الله بالنوافل حتى يستحقوا المحبة من الله تعالى لا يكون إلا بغاية التواضع والتذلل للرب عز وجل، ثم قال: وفيه بعد، لأن النوافل إنما يزكي ثوابها عند الله لمن حافظ على فرائضه، وقيل: الترجمة مستفادة مما قال: كنت سمعه، ومن التردد، وقال بعضهم: تستفاد الترجمة من لازم قوله: (من عادى لي