المصرية التي هي كرسي الإسلام لا يتولى فيها القضاة والحكام وسائر أصحاب المناصب إلا بالرشي والبراطيل، ولا يوجد هذا في بلاد الروم ولا في بلاد العجم.
7946 حدثنا محمد بن كثير أخبرنا سفيان حدثنا الأعمش عن زيد بن وهب حدثنا حذيفة قال: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثين رأيت أحدهما، وأنا أنتظر الآخر. حدثنا: أن الأمانة نزلت في جذر قلوب الرجال ثم علموا من القرآن ثم علموا من السنة، وحدثنا عن رفعها، قال: (ينام الرجل النومة فتقبض الأمانة من قلبه فيظل أثرها مثل أثر الوكت، ثم ينام النومة فتقبض فيبقاى أثرها مثل المجل كجمر دحرجته على رجلك فنفط فتراه منتبرا وليس فيه شيء، فيصبح الناس يتبايعون فلا يكاد أحد يؤدي الأمانة. فيقال: إن في بني فلان رجلا أمينا، ويقال للرجل: ما أعقله وما أظرفه وما أجلده، وما في قلبه مثقال حبة خردل من إيمان) ولقد أتى علي زمان وما أبالي أيكم بايعت، لئن كان مسلما رده علي الإسلام، وإن كان نصرانيا رده علي ساعيه، فأما اليوم، فما كنت أبايع إلا فلانا وفلانا.
مطابقته للترجمة ظاهرة. وسفيان هو الثوري، والأعمش سليمان.
والحديث أخرجه أيضا عن علي بن عبد الله عن سفيان بن عيينة. وأخرجه مسلم في الإيمان عن أبي بكر وغيره. وأخرجه الترمذي في الفتن عن هناد بن السري. وأخرجه ابن ماجة فيه عن علي بن محمد عن وكيع به.
قوله: (حديثين) أي: في باب الأمانة. أحدهما: في نزول الأمانة. والآخر: في رفعها قوله: (حدثنا) أي: رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله: (في جذر قلوب الرجال) بفتح الجيم: وكسرها وسكون الذال المعجمة، وهو الأصل في كل شيء. قاله أبو عبيد، وقال ابن الأعرابي: الجذر أصل الحسب والنسب، وأصل الشجرة. قوله: (ثم علموا) أي: بعد نزولها في قلوب الرجال بالفطرة علموها من القرآن. قال الله تعالى: * (إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض) * (الأحزاب: 27) الآية. قال ابن عباس: هي الفرائض التي على العباد، وقيل: هي ما أمروا به ونهوا عنه، وقيل: هي الطاعة، نقله الواحدي عن أكثر المفسرين. قوله: (ثم علموا من السنة) أي: سنة النبي صلى الله عليه وسلم. وحاصل المعنى: أن الأمانة كانت لهم بحسب الفطرة وحصلت لهم بالكسب أيضا، بسبب الشريعة. قوله: (وحدثنا) أي: رسول الله صلى الله عليه وسلم: (عن رفعها) أي: عن رفع الأمانة. قوله: (ينام الرجل) إلى آخره بيان رفعها وهو أنه (ينام نومة فتقبض الأمانة من قلبه) يعني: تقبض من قوم ثم من قوم ثم شيئا بعد شيء في وقت بعد وقت على قدر فساد الدين. قوله: (فيظل أثرها) أي: فيصير أثرها. (مثل أثر الوكت) بفتح الواو وسكون الكاف وبالتاء المثناة وهو أثر النار ونحوه، وقال ابن الأثير: الوكتة الأثر في الشيء كالنقطة من غير لونه والجمع وكت، ومنه قيل للبسر: إذا وقعت فيه نقطة من الإرطاب وكت، ومنه حديث حذيفة المذكور، وقال الجوهري في فصل الواو من باب التاء المثناة من فوق: الوكتة كالنقطة في الشيء، يقال في عينه وكتة، وضبطه صاحب (التلويح) بالثاء المثلثة وهو غلط. قوله: (مثل المجل) بفتح الميم وسكون الجيم وفتحها هو التنفط الذي يحصل في اليد من العمل بفأس ونحوه، وهو مصدر: مجلت يده تمجل مجلا، ويقال: هو أن يكون بين الجلد واللحم ماء وكذلك المجلة، وهو من باب علم يعلم ومصدره مجل بفتحتين: ومن باب نصر ينصر ومصدره مجل بسكون الجيم ومجول، وقال الأصمعي: هو تفتح يشبه البئر من العمل. قوله: (فنفط) بكسر الفاء قال ابن فارس: النفط قرح يخرج في اليد من العمل وإنما قال: نفط مع أن الضمير فيه يرجع إلى الرجل وهو مؤنث، وذكره باعتبار العضو أو باعتبار لفظ الرجل. قوله: (منتبرا) أي: مرتفعا، من الانتبار وهو الارتفاع، ومنه انتبر الأمير: صعد على المنبر، ومنه سمي المنبر منبرا لارتفاعه، وكل شيء ارتفع فقد نبره وقال أبو عبيد: منتبرا أي: متنفطا. وحاصله أن القلب يخلو عن الأمانة بأن تزول عنه شيئا فشيئا، فإذا زال جزء منها