عمدة القاري - العيني - ج ٢٢ - الصفحة ٣٦
وقيس بن ثمامة والشعبي تختموا في يسارهم، وأن نقش خاتم إبراهيم النخعي: نحن بالله وله قال: فهؤلاء من الصحابة والتابعين كانوا يتختمون وليس لهم سلطان، وقال بعضهم ولم يجب الطحاوي عن حديث أبي ريحانة. قلت: ماذا يقول وهو حديث صحيح عنده لأن رواته ثقات، والذي يظهر من سكوته أن العمل به لا على طريق الوجوب بل على الأولوية، وإن تركه أولى لغير ذي سلطان لأنه نوع من التزين، واللائق بالرجال خلافه وأبو ريحانة اسمه شمعون بن زيد الأزدي حليف الأنصار ويقال له: مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
53 ((باب من جعل فص الخاتم في بطن كفه)) أي: هذا باب في بيان من جعل فص خاتمه عند لبسه في بطن كفه، وسقط. لفظ: باب، من رواية أبي ذر، وقال ابن بطال: ليس في كون فص الخاتم في بطن الكف ولا ظهرها أمر ونهي، وكل ذلك مباح، ويقال: إن السر فيه أن جعل الفص في باطن الكف أبعد من أن يظن أن فعله للتزين، والتزين لا يليق للرجال، وقد روى أبو داود عن ابن إسحاق قال: رأيت على الصلت بن عبد الله بن نوفل بن عبد المطلب خاتما في خنصره اليمنى، فقلت: ما هذا؟ قال: رأيت ابن عباس يلبس خاتمه هكذا، وجعل فصه على ظهرها، قال: ولا أخال إلا قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبس خاتمه كذلك، وقال الترمذي: قال البخاري: حديث ابن إسحاق عن الصلت حسن.
5876 حدثنا موساى بن إسماعيل حدثنا جويرية عن نافع أن عبد الله حدثه: أن النبي صلى الله عليه وسلم اصطنع خاتما من ذهب وجعل فصه في بطن كفه إذا لبسه، فاصطنع الناس خواتيم من ذهب، فرقي المنبر فحمد الله وأثنى عليه فقال: إني كنت اصطنعته وإني لا ألبسه فنبذه فنبذ الناس، قال جويرية: ولا أحسبه إلا قال: في يده اليمنى.
مطابقته للترجمة في قوله: (وجعل فصه في باطن كفه) وجويرية مصغر جارية ابن أسماء، وكلاهما مشتركان في المذكر والمؤنث. والحديث من أفراده.
قوله: (وجعل فصه) كذا للأكثرين جعل بلفظ الماضي، وفي رواية المستملي والسرخسي: ويجعل، بلفظ المضارع، ومضى شرح الحديث في: باب خاتم الذهب. قوله: (فنبذه) أي: فطرحه. قوله: (قال جويرية)، موصول بالإسناد المذكور، وقال أبو ذر في روايته: لم يقع في البخاري موضع الختم من أي اليدين إلا في هذا.
وقد وردت أحاديث كثيرة في التختم في اليمنى: منها: حديث ابن عباس: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتختم في يمينه، رواه الترمذي. ومنها: حديث عبد الله بن جعفر قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يتختم في يمينه، ورواه الترمذي أيضا وأبو داود وأبو الشيخ والطبراني في (الكبير). ومنها: حديث علي رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتختم في يمينه، أخرجه أبو داود والنسائي. ومنها: حديث عائشة: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتختم في يمينه، أخرجه أبو داود والبزار وأبو الشيخ. ومنها: حديث أنس: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتختم في يمينه، أخرجه النسائي والترمذي في الشمائل: ومنها: حديث أبي أمامة: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتختم في يمينه، أخرجه الطبراني في: (الكبير) وأبو الشيخ في: (كتاب الأخلاق). ومنها: حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يزل يتختم في يمينه حتى قبضه الله إليه، أخرجه الدارقطني في (غرائب مالك).
ووردت أحاديث أخرى في التختم في اليسار. منها: حديث أبي سعيد الخدري: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يلبس خاتمه في يساره، وأخرجه أبو الشيخ وإسناده ضعيف. ومنها: حديث ابن عمر: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتختم في يساره وكان فصه في باطن كفه، أخرجه أبو داود، وهذا يخالف حديث الباب. ومنها: ما رواه الترمذي من حديث جعفر بن محمد عن أبيه قال: كان الحسن والحسين يتختمان في يسارهما، وقال: هذا حديث صحيح، وقد جاء في بعض طرقه: عن الحسن والحسين رفع ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمرو وعلي رضي الله عنهم، رواه أبو الشيخ في (كتاب أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم) والبيهقي في (كتاب الأدب) من رواية سليمان بن بلال عن جعفر بن محمد عن أبيه، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم
(٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 ... » »»