عمدة القاري - العيني - ج ٢٢ - الصفحة ١٤٦
عن أنس بن مالك رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم زار أهل بيت من الأنصار فطعم عندهم طعاما، فلما أراد أن يخرج أمر بمكان من البيت فنضح له على بساط فصلى عليه ودعا لهم. (انظر الحديث 670 وطرفه).
مطابقته للترجمة ظاهرة. وعبد الوهاب هو ابن عبد المجيد الثقفي، وأنس بن سيرين أخو محمد بن سيرين.
والحديث مضى في صلاة الضحى بأتم منه.
قوله: (زار أهل بيت من الأنصار) أهل بيت عتبان بن مالك. قوله: (فطعم) بكسر العين أي: أكل، قال الله تعالى: * (فإذا طعمتم فانتشروا) * (الأحزاب: 53) وقد يكون بمعنى: ذاق. قال تعالى: * (ومن لم يطعمه فإنه مني) * (البقرة: 249). قوله: (فنضح له) أي رش، ويقال: نضح له لما شك فيه، وقيل: صب الماء عليه صبا فيكون كالغسل. قوله: (على بساط) أراد به هنا الحصير، كما جاء في حديث آخر، قوله: (ودعا لهم) فيه أن الزائر إذا أكرمه المزور ينبغي له أن يدعو له ولأهل بيته.
66 ((باب من تجمل للوفود)) أي: هذا باب في بيان جواز من تجمل بالأشياء المباحة، وهو على وزن تفعل بالتشديد من التجمل وهو تحسين الرجل هيئته بأحسن الثياب والتزين بالزي الحسن. قوله: للوفود، جمع وفد، والوفد جمع وافدوهم القوم الذين يجتمعون ويردون البلاد، وكذلك الذين يقصدون الأمراء لزيارة واسترفاد وانتجاع وغير ذلك، تقول: وفد يفد فهو وافد، وفدته فوفد.
6081 حدثنا عبد الله بن محمد حدثنا عبد الصمد قال: حدثني أبي قال: حدثني يحياى بن أبي إسحاق قال: قال لي سالم بن عبد الله: ما الإستبرق؟ قلت: ما غلظ من الديباج وخشن منه. قال: سمعت عبد الله يقول: رأى عمر على رجل حلة من استبرق فأتى بها النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! اشتري هاذه فالبسها لوفد الناس إذا قدموا عليك، فقال: إنما يلبس الحرير من لا خلاق له، فمضى في ذلك ما مضاى ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم، بعث إليه بحلة فأتى بها النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: بعثت إلي بهذه، وقد قلت في مثلها ما قلت! قال: إنما بعثت إليك لتصيب بها مالا، فكان ابن عمر يكره العلم في الثوب لهاذا الحديث.
أنكر الداودي مطابقته هذا الحديث للترجمة حيث قال: كان ينبغي أن يقول: باب التجمل للوفود، لأنه لا يقال: فعل كذا، إلا لمن صدر منه الفعل، وليس في الحديث أنه صلى الله عليه وسلم، فعل ذلك. وأجيب: بأن معنى الترجمة من فعل ذلك متمسكا بما دل عليه الحديث المذكور، وكذا قال بعضهم. قلت: هذا معنى بعيد، ومعنى الترجمة ما ذكرناه، ولكن المطابقة تفهم من كلام عمر رضي الله عنه، لأن عادة النبي صلى الله عليه وسلم، كانت جارية بالتجمل للوفد لأن فيه تفخيم الإسلام ومباهاة للعدو وغيظا لهم، غير أن النبي صلى الله عليه وسلم، هنا أنكر على عمر لبس الحرير بقوله: (إنما يلبس الحرير من لا خلاق له) ولم ينكر عليه مطلق التجمل للوفد حتى قالوا: وفي هذا الحديث لبس أنفس الثياب عند لقاء الوفود.
وعبد الله هو ابن محمد الجعفي البخاري المعروف بالمسندي، وعبد الصمد يروي عن أبيه عبد الوارث، وهو يروى عن يحيى ابن أبي إسحاق الحضرمي البصري.
والحديث مضى في كتاب اللباس في: باب الحرير للنساء، ومضى الكلام فيه.
قوله: (وخشن) بالخاء والشين المعجمة من الخشونة، وروى بعضهم حسن، بالمهملتين من الحسن. قوله: (لا خلاق له)، أي: لا نصيب له في الآخرة، يعني إذا كان مستحلا. قوله: (لتصيب بها مالا) بأن تبيعها مثلا. قوله: (وكان ابن عمر رضي الله عنهما، يكره العلم في الثوب)، قال الخطابي: ذهب ابن عمر في هذا مذهب الورع، وكان ابن عباس يقول في روايته إلا علما في ثوب، وذلك لأن مقدار العلم لا يقع عليه اسم اللبس، وقد مضى في كتاب اللباس من رواية أبي عثمان عن عمر رضي الله عنه، في النهي عن لبس
(١٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 141 142 143 144 145 146 147 148 149 150 151 ... » »»