عمدة القاري - العيني - ج ٢٢ - الصفحة ١٥٧
لا يعين أحدا ممن فعله بل كان عتابه بالعموم، وهو من باب الرفق لأمته والستر عليهم.
وعبدان هو لقب عبد الله بن عثمان المروزي، وعبد الله هو ابن المبارك، وعبد الله بن أبي عتبة بضم العين وسكون التاء المثناة من فوق مولى أنس ين مالك البصري، وأبو سعيد اسمه سعد بن مالك الخدري.
والحديث مضى في صفة النبي صلى الله عليه وسلم عن مسدد وغيره، ومضى الكلام فيه.
قوله: (من العذراء)، هي: البكر لأن عذرتها بافية، وهي جلدة البكارة والخدر ستر يجعل للبكر في جنب البيت.
وفيه: أن للشخص أن يحكم بالدليل، لأنهم عرفوا كراهته للشيء بتغير وجهه كما كانوا يعرفون قراءته في الصلاة السرية باضطراب لحيته.
73 ((باب من كفر أخاه بغير تأويل فهو كما قال)) أي: هذا باب في بيان من كفر أخاه أي: دعاة كافرا أو نسبه إلى الكفر. قوله: (بغير تأويل) يعني في تكفيره، قيد به لأنه إذا تأول في تكفيره يكون معذورا غير آثم، ولذلك عذر النبي صلى الله عليه وسلم عمر رضي الله عنه، في نسبة النفاق إلى حاطب بن بلتعة لتأويله، وذلك أن عمر بن الخطاب ظن أنه صار منافقا بسبب أنه كاتب المشركين كتابا فيه بيان أحوال عسكر رسول الله صلى الله عليه وسلم. قوله: فهو كما قال: جواب كلمة: من المتضمنة معنى الشرط، يعني: أن الذي قاله يرجع إليه وكفر نفسه لأن الذي كفره صحيح الإيمان، ولم يتأول فيه بشيء يخرجه من الإيمان، فظهر أنه أراد برميه له بالكفر فقد كفر نفسه، فافهم.
6103 حدثنا محمد وأحمد بن سعيد قالا: حدثنا عثمان بن عمر أخبرنا علي بن المبارك عن يحياى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: إذ قال الرجل لأخيه: يا كافر، فقد باء به أحدهما.
6104 حدثنا إسماعيل قال: حدثني مالك عن عبد الله بن دينار، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (أيما رجل قال لأخيه: يا كافر فقد باء بها أحدهما): وعند الرجوع لفتح الباري 10 / 514. وصحيح البخاري (النسخة اليونينية) 8 / 32. (والنسخة الأميرية) 8 / 26 وجدنا هذا الحديث مثبتا، فأثبتناه.
مطابقته للترجمة تؤخذ من معنى الحديث. ومحمد هو إما ابن بشار بالشين المعجمة المشددة، وإما ابن المثنى ضد المفرد كذا نقله الكرماني عن الغساني، وقال بعضهم: محمد هو ابن يحيى الذهلي. قلت: إن صح ما قاله هذا القائل فالسبب في ذكره مجردا أن البخاري لما دخل نيسابور شغب عليه محمد بن يحيى الذهلي في مسألة خلق اللفظ كان قد سمع منه فلم يترك الرواية عنه ولم يصرح باسم أبيه بل في بعض المواضع يقول: حدثنا محمد بن عبد الله، فينسبه إلى جده، وأحمد بن سعيد بن صخر بن سليمان أبو جعفر الدارمي المروزي، وعثمان بن عمر بن فارس العبدي البصري، وأبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف. والحديث من أفراده.
قوله: (لأخيه) المراد بالأخوة أخوة الإسلام. قوله: (فقد باء به) أحدهما أي: رجع به أحدهما لأنه إن كان صادقا في نفس الأمر فالمقول له كافر، وإن كان كاذبا فالقائل كافر لأنه حكم بكون المؤمن كافرا أو الإيمان كفر، قيل: لا يكفر المسلم بالمعصية فكذا بهذا القول. وأجيب بأنهم حملوه على المستحل لذلك، وقيل: معناه رجع عليه التكفير إذ كأنه كفر نفسه لأنه كفر من هو مثله، وقال الخطابي: باء به القائل إذا لم يكن له تأويل وقال ابن بطال يعني: باء بإثم رميه لأخيه بالكفر، أي: رجع وزر ذلك عليه إن كان كاذبا، وقيل: يرجع عليه إثم الكفر لأنه إذا لم يكن كافرا فهو مثله في الدين فيلزم من تكفيره تكفير نفسه لأنه مساويه في الإيمان، فإن كان ما هو فيه كفرا فهو أيضا فيه ذلك، وإن كان استحق المرمي به بذلك كفرا فيستحق الرامي أيضا، وقيل: معناه أنه يؤول به إلى الكفر لأن المعاصي تزيد الكفر ويخاف على المكثر منها أن تكون عاقبة شؤمها المصير إليه.
وقال عكرمة بن عمار عن يحياى عن عبد الله بن يزيد: سمع أبا سلمة سمع أبا هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم، مثله.
عكرمة بن عمار بتشديد الميم الحنفي اليمامي كان مجاب الدعوة، ويحيى هو ابن كثير، وعبد الله بن يزيد من الزيادة مولى الأسود بن سفيان المخزومي وليس له في البخاري سوى هذا الحديث المعلق وحديث آخر موصول مضى
(١٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 152 153 154 155 156 157 158 159 160 161 162 ... » »»