عمدة القاري - العيني - ج ٢٢ - الصفحة ١٤٧
الحرير: إلا موضع إصبعين أو ثلاث أو أربع.
((باب الإخاء والحلف)) أي: هذا باب في بيان مشروعية الإخاء، أي: المؤاخاة. قوله: والحلف، بكسر الحاء المهملة وسكون اللام وبالفاء وهو العهد يكون بين القوم، وقد حالفه أي: عاهده.
وقال أبوا جحيفة: آخى النبي صلى الله عليه وسلم بين سلمان وأبي الدرداء أبو جحيفة، بضم الجيم وفتح الحاء اسمه وهب بن عبد الله السوائي. نزل الكوفة وابتنى بها دارا، وقد مر هذا التعليق في باب: كيف آخى النبي صلى الله عليه وسلم، بين أصحابه، وآخى النبي صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين والأنصار أول قدومه المدينة، وحالف بينهم وكانوا يتوارثون بذلك الإخاء والحلف دون ذوي الرحم، وقال الحسن: كان هذا قبل نزول آية المواريث، وكان أهل الجاهلية يفعلون ذلك، وقال ابن عباس: فلما نزلت: * (ولكل جعلنا موالي) * (النساء: 33) يعني: ورثة، نسخت. ويقال: إن الحليف كان يرث السدس ممن حالفه حتى نزلت: * (وأولو الأرحام) * (الأنفال: 75) وقال الطبري: ولا يجوز الحلف اليوم في الإسلام الحديث جبير بن مطعم عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال: لا حلف في الإسلام، وما كان من حلف في الجاهلية فلا يزيده الإسلام إلا شدة، وقال ابن عباس: نسخ الله حلف الجاهلية وحلف الإسلام بقوله: * (وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض) * ورد المواريث إلى القرابات.
وقال عبد الرحمان بن عوف: لما قدمنا المدينة آخى النبي صلى الله عليه وسلم بيني وبين سعد بن الربيع هذا التعليق طرف من حديث مضى موصولا في فضائل الأنصار.
6081 حدثنا عبد الله بن محمد حدثنا عبد الصمد قال: حدثني أبي قال: حدثني يحياى بن أبي إسحاق قال: قال لي سالم بن عبد الله: ما الإستبرق؟ قلت: ما غلظ من الديباج وخشن منه. قال: سمعت عبد الله يقول: رأى عمر على رجل حلة من استبرق فأتى بها النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! اشتري هاذه فالبسها لوفد الناس إذا قدموا عليك، فقال: إنما يلبس الحرير من لا خلاق له، فمضى في ذلك ما مضاى ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم، بعث إليه بحلة فأتى بها النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: بعثت إلي بهذه، وقد قلت في مثلها ما قلت! قال: إنما بعثت إليك لتصيب بها مالا، فكان ابن عمر يكره العلم في الثوب لهاذا الحديث.
أنكر الداودي مطابقته هذا الحديث للترجمة حيث قال: كان ينبغي أن يقول: باب التجمل للوفود، لأنه لا يقال: فعل كذا، إلا لمن صدر منه الفعل، وليس في الحديث أنه صلى الله عليه وسلم، فعل ذلك. وأجيب: بأن معنى الترجمة من فعل ذلك متمسكا بما دل عليه الحديث المذكور، وكذا قال بعضهم. قلت: هذا معنى بعيد، ومعنى الترجمة ما ذكرناه، ولكن المطابقة تفهم من كلام عمر رضي الله عنه، لأن عادة النبي صلى الله عليه وسلم، كانت جارية بالتجمل للوفد لأن فيه تفخيم الإسلام ومباهاة للعدو وغيظا لهم، غير أن النبي صلى الله عليه وسلم، هنا أنكر على عمر لبس الحرير بقوله: (إنما يلبس الحرير من لا خلاق له) ولم ينكر عليه مطلق التجمل للوفد حتى قالوا: وفي هذا الحديث لبس أنفس الثياب عند لقاء الوفود.
وعبد الله هو ابن محمد الجعفي البخاري المعروف بالمسندي، وعبد الصمد يروي عن أبيه عبد الوارث، وهو يروى عن يحيى ابن أبي إسحاق الحضرمي البصري.
والحديث مضى في كتاب اللباس في: باب الحرير للنساء، ومضى الكلام فيه.
قوله: (وخشن) بالخاء والشين المعجمة من الخشونة، وروى بعضهم حسن، بالمهملتين من الحسن. قوله: (لا خلاق له)، أي: لا نصيب له في الآخرة، يعني إذا كان مستحلا. قوله: (لتصيب بها مالا) بأن تبيعها مثلا. قوله: (وكان ابن عمر رضي الله عنهما، يكره العلم في الثوب)، قال الخطابي: ذهب ابن عمر في هذا مذهب الورع، وكان ابن عباس يقول في روايته إلا علما في ثوب، وذلك لأن مقدار العلم لا يقع عليه اسم اللبس، وقد مضى في كتاب اللباس من رواية أبي عثمان عن عمر رضي الله عنه، في النهي عن لبس الحرير: إلا موضع إصبعين أو ثلاث أو أربع.
((باب الإخاء والحلف)) أي: هذا باب في بيان مشروعية الإخاء، أي: المؤاخاة. قوله: والحلف، بكسر الحاء المهملة وسكون اللام وبالفاء وهو العهد يكون بين القوم، وقد حالفه أي: عاهده.
وقال أبوا جحيفة: آخى النبي صلى الله عليه وسلم بين سلمان وأبي الدرداء أبو جحيفة، بضم الجيم وفتح الحاء اسمه وهب بن عبد الله السوائي. نزل الكوفة وابتنى بها دارا، وقد مر هذا التعليق في باب: كيف آخى النبي صلى الله عليه وسلم، بين أصحابه، وآخى النبي صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين والأنصار أول قدومه المدينة، وحالف بينهم وكانوا يتوارثون بذلك الإخاء والحلف دون ذوي الرحم، وقال الحسن: كان هذا قبل نزول آية المواريث، وكان أهل الجاهلية يفعلون ذلك، وقال ابن عباس: فلما نزلت: * (ولكل جعلنا موالي) * (النساء: 33) يعني: ورثة، نسخت. ويقال: إن الحليف كان يرث السدس ممن حالفه حتى نزلت: * (وأولو الأرحام) * (الأنفال: 75) وقال الطبري: ولا يجوز الحلف اليوم في الإسلام الحديث جبير بن مطعم عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال: لا حلف في الإسلام، وما كان من حلف في الجاهلية فلا يزيده الإسلام إلا شدة، وقال ابن عباس: نسخ الله حلف الجاهلية وحلف الإسلام بقوله: * (وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض) * ورد المواريث إلى القرابات.
وقال عبد الرحمان بن عوف: لما قدمنا المدينة آخى النبي صلى الله عليه وسلم بيني وبين سعد بن الربيع هذا التعليق طرف من حديث مضى موصولا في فضائل الأنصار.
6082 حدثنا مسدد حدثنا يحياى عن حميد عن أنس قال: لما قدم علينا عبد الرحمان فآخاى النبي صلى الله عليه وسلم، بينه وبين سعد بن الربيع، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أو لم ولو بشاة. يحيى هو القطان. و حميد هو ابن أبي حميد الطويل. والحديث فيه اختصار، ومر في أول البيع مطولا، وإنما قال: (أو لم) لأنه تزوج بعد الحلف.
6083 حدثنا محمد بن صباح حدثنا إسماعيل بن زكرياء حدثنا عاصم قال: قلت ل أنس بن مالك: أبلغك أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: لا حلف في الإسلام؟ فقال: قد حالف النبي صلى الله عليه وسلم، بين قريش والأنصار في داري. (انظر الحديث 2294 وطرفه).
عاصم هو ابن سليمان الأحول. والحديث مضى في الكفالة بعين هذا الإسناد والمتن، وسيجئ في الاعتصام.
قوله: (لا حلف في الإسلام) لأن الحلف للانفاق والإسلام قد جمعهم وألف بين القلوب فلا حاجة إليه، وكانوا يتحالفون في الجاهلية لأن الكلمة منهم لم تكن مجتمعة. قوله: (قد حالف النبي صلى الله عليه وسلم) ليس بين قوله: (قد حالف) وبين قوله: (لا حلف في الإسلام) منافاة، لأن المنفي هو المعاهدة الجاهلية، والمثبت هو المؤاخاة. وقال النووي: لا حلف في الإسلام معناه: حلف التوراة وما يمنع الشرع منه، وأما المؤاخاة والمحالفة على طاعة الله والتعاون على البر فلم ينسخ، إنما المنسوخ ما يتعلق بالجاهلية.
68 ((باب التبسم والضحك)) أي: هذا باب في بيان إباحة التبسم والضحك، التبسم ظهور الأسنان عند التعجب بلا صوت، وإن كان مع الصوت فهو إما بحيث يسمع جيرانه أم لا، فإن كان فهو القهقهة وإلا فهو الضحك. وقال أصحابنا: الضحك أن يسمع هو نفسه فقط، والقهقهة أن يسمع غيره، والتبسم لا يسمع هو ولا غيره، فالضحك يفسد الصلاة لا الوضوء، والقهقهة تفسد الصلاة والوضوء جميعا، والتبسم لا يفسدهما. ويقال: التبسم في اللغة مبادئ الضحك، والضحك انبساط الوجه التي تظهر الأسنان من السرور، فإن كان بصوت بحيث يسمع من بعد فهو القهقهة وإلا فالضحك، وإن كان بلا صوت فهو التبسم، وتسمى الأسنان في مقدم الفم: الضواحك.
(١٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 142 143 144 145 146 147 148 149 150 151 152 ... » »»